اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 172
قلت: أجل.. لكأنك كنت معي في رحلتي..
قال: لقد كنت معك.. وكنت جميع
أولئك.. لكني سألت نفسي، وقلت: أرأيت لو أن المجنون لم ير ليلى إلا بعد أن عمرت،
وصارت عجوزا شمطاء.. أكان يكن لها كل ذلك الحب، أو كان يمكن أن يجن بسببها.. أو
كان يمكن أن يرضى بها زوجا؟
ابتسمت، وقلت: حينذاك سيجن
أيضا.. لكن لا بسبب حبه لها، بل بسبب بغضه لها.. ألم تسمع قول الشاعر:
إِن العجوزَ فاركٌ ضجيعَها
تسيلُ من غير بكىً دموعُها
تمدِّدُ الوجهَ فلا يطيعُها
كأن من يضيفُها يضيعها
وقول الآخر:
لا تنكحَنَّ عجوزاً إِن أتيتَ بها
واخلعْ ثيابكَ منها ممنعاً هربا
وإِن أَتَوْكَ فقالوُا إِنها نَصفٌ
فإِن أمثلَ نصفَيها الذي ذَهَبا
قلت: سلمت لك بهذا، فكل جمال
سيذبل لا محالة.
قال: ومن الغبن أن تحب ما
يذبل.. لأن قلبك سيذبل مثل ما يذبل من تحبه.
قلت: وهل هناك شيء لا يذبل؟
قال: الجمال المقدس عن الدنس..
الجمال الذي لا تغير عليه الأيام والليالي.. ولا تكر عليه جحافل المرض والهرم.
قلت:
ولكنا تعودنا على أن لا نرى الجمال إلا في تناسب الخلقة والشكل وحسن اللون، وكون
البـياض مشرباً بالحمرة وامتداد القامة وغير ذلك..
قال: لا.. هذا لا يقوله إلا
المحبوس في سجن الخيالات.
قلت: كلنا سجين الخيالات..
قال: ومع ذلك فإن عقولنا تتحرر
في أحيان كثيرة من هذه السجون.. بل ترانا نذم ما أطبقت
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 172