اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 170
قلت: كيف يكون الله هو المحسن
الوحيد.. ونحن نرى الكل يمارس هذه الوظيفة؟
قال: أرأيت لو أن ملكا من
الملوك أمر بعض خدمه بأن يهبك ما تشاء من الأموال والقصور وأنواع المتاع.. أكنت
ترى تلك النعم من الملك، أم من ذلك الخادم البسيط الذي لم يقم إلا بما أمره به
الملك؟
قلت: بل أرى كل تلك النعم من
الملك.. أما الخادم فليس إلا عبد مأمور.. ولو أن الملك أمره بقتلي لفعل؟
قال: فهكذا كل الخلائق التي
تراها منعمة عليك.. هي في الحقيقة وسائط الجود لا عين الجود.
قلت: عرفت الثاني، ووعيته، فما
الثالث؟
قال: الجمال.
قلت: لن يجادلك أحد في هذا..
فلولا الجمال ما سقطت القلوب في أودية الهوى..
قال: لقد ذكر الله تعالى هذا،
فذكر عن امرأة العزيز أن قلبها قد امتلأ بحب يوسف حتى صارت لا تملك من أمرها شيئا،
ثم ذكر جماله وتأثيره في النسوة، فقال:﴿ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ
إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ
سِكِّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ
وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا
إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾ (يوسف:31)
قلت: فالقرآن يقر به، فكيف
تنكره أنت؟
قال: أنا لا أنكره.. ولكني
أنكر أن يرضى الإنسان بحبس قلبه في قفص العيون النجل، أو الخدود المتوردة، أو يرضى
أن يشنق بالشعر الأشقر المبسوط..
قلت: فما المخرج من ذلك؟
قال: الحب المقدس.. الحب
المقدس هو الوحيد الذي لا يصلح القلب إلا به، ولا
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 170