responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 169

قلت: ألا ترى أن هذا السبب هو عين السبب السابق؟

قال: ذلك صحيح، فالإحسان سبب إلى دوام الوجود وكمال الوجود وحصول الحظوظ التي بها يتهيأ الوجود.. لكن بينهما ـ مع ذلك ـ فرقا.. فالحب في السبب الأول ذاتي، بينما هو تبعي في هذا السبب، ( ففرق كبير بـين حب الصحة وبـين حب الطبـيب الذي هو سبب للصحة، إذ الصحة مطلوبة لذاتها والطبـيب محبوب لا لذاته بل لأنه سبب للصحة، وكذلك العلم محبوب والأستاذ محبوب، ولكن العلم محبوب لذاته والأستاذ محبوب لكونه سبب العلم المحبوب، وكذلك الطعام والشراب محبوب والدنانير محبوبة، لكن الطعام محبوب لذاته والدنانير محبوبة لأنها وسيلة إلى الطعام)[1]

فالفرق بين هذه المحبوبات راجع إلى الدرجة التي تحلها من القلب، وكلها من حيث مصدرها ترجع إلى حب الإنسان لنفسه، (فكل من أحب المحسن لإحسانه فما أحب ذاته تحقيقاً بل أحب إحسانه، وهو فعل من أفعاله لو زال زال الحب مع بقاء ذاته تحقيقاً، ولو نقص نقص الحب ولو زاد زاد، ويتطرّق إليه الزيادة والنقصان بحسب زيادة الإحسان ونقصانه)

قلت: وعيت هذا.. ولا أحسب أني أخالفك فيه.. فكيف اكتمل هذا السبب في الحب المقدس؟

قال: بل لم يكتمل هذا السبب، بل لم يوجد إلا في الحب المقدس.. فليس هناك من نعمة في الوجود إلا والله سببها الأول والمباشر.. فالله هو المحسن الوحيد، وكل من عداه محسن إليه.. لقد قال الله تعالى يذكر ذلك :﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ (النحل:53)، وأخبرنا عن استحالة عده لنعمه علينا، فقال:﴿ َآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ (ابراهيم:34)


[1] الإحياء: 4/298.

اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 169
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست