اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 168
ومثال هذا المبتلى بحرّ الشمس،
فإنه لما كان يحب الظل، فإنه بالضرورة يحب الأشجار التي بها قوام الظل، (وكل ما في
الوجود بالإضافة إلى قدرة الله تعالى فهو كالظل بالإضافة إلى الشجر والنور
بالإضافة إلى الشمس فإنّ الكل من آثار قدرته، ووجود الكل تابع لوجوده، كما أن وجود
النور تابع للشمس ووجود الظل تابع للشجرO [1]
قلت: عرفت الأول، ووعيته، فما الثاني؟
قال: حب الإنسان لمن أحسن
إليه.
قلت: صحيح هذا، فقد جبلت القلوب
على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها، وقد قال في ذلك شاعرنا:
وَقّيَّدْتُ نفسي في ذراك محبةً
ومن وجدَ الإِحسانَ قيداً تقيدا
وقال الآخر:
أحسنْ إلى الناسِ تَسْتَعبِدْ قلوبَهمُ
فطالما استعبدَ الإنسانَ إِحسانُ
من جادَ بالمالِ مالَ الناسُ قاطبةً
إليه والمالُ للإنسانِ فتانُ
قال: لقد قال نبينا a
مشيرا إلى هذا السبب:( إن استطعت أن لا يكون لفاجر عندك يدا
فافعل)[2]
وكان مما يقوله a في
دعائه :( اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي يدا ولا نعمة، فإني وجدت فيما أوحيته
إلي :﴿ لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ (المجادلة: من الآية22)[3]، ففي
هذا إشارة إلى أن حب القلب للمحسن حب اضطراري لا يستطاع دفعه، وهو جبلة وفطرة لا
سبـيل إلى تغيـيرها.