اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 165
إذا اشتبكت دموع في خدود
تبين من بكى ممن تباكى
فأما من بكى فيذوب شوقا
وينطق بالهوى من قد تباكى
وقد عجز العارفون الذين رزقهم
الله هذا الحب الكامل عن التعبير عن مقداره، فذكروا بعض النسب للدلالة عليه، كما
فعل أبو سليمان الداراني حين أخبر عن همة العارفيين، فقال: (إن لله عباداً ليس
يشغلهم عن الله خوف النار ولا رجاء الجنة فكيف تشغلهم الدنيا عن الله؟)
أو عندما سئل معروف الكرخي عن
الهمة التي دفعته إلى الإرادة والمجاهدة والتبتل، فسكت معروف، ليترك للسائل مجالا
للتخمين، قال السائل : ذكر الموت، فقال معروف: وأي شيء الموت؟ فقال: ذكر القبر
والبرزخ، فقال: وأي شيء القبر؟ فقال: خوف النار ورجاء الجنة، فقال: وأي شيء هذا؟
إن ملكاً هذا كله بـيده إن أحببته أنساك جميع ذلك وإن كانت بـينك وبـينه معرفة
كفاك جميع هذا.
أو عندما سأل الثوري رابعة: ما
حقيقة إيمانك؟ فقالت: ما عبدته خوفاً من ناره ولا حباً لجنته فأكون كالأجير السوء،
بل عبدته حباً له وشوقاً إليه، وقالت:
أحبك حبين حب الهوى
وحباً لأنك أهْلٌ لذاكا
فأما الذي هو حب الهوى
فشغلي بذكرك عمن سواكا
وأما الذي أنت أهلٌ له
فكشفك لي الحجب حتى أراكا
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي
ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
قلت: حدثتني حديث المواجيد،
فحدثني حديث العقل.. ألم تزعم انسجام هذا الحب مع العقل؟
قال: صدقت.. أجبني.. ما الذي
جعل قلبك ينجذب كل الانجذاب لكل من أحببت؟
قلت: أشياء كثيرة لا أكاد
أحصيها.. بل لا أكاد أعرفها.
قال: لكن العارفين الخبراء الذين
أطلعهم الله على أسرار القلوب عرفوها، وحاولوا
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 165