أقول لعراف اليمامة داوني
فإنك إن داويتني لطبيب
فوا كبدا أمست رفاتاً كأنما
يلذعها بالموقدات طبيب
عشية لا عفراء منك بعيدة
فتسلو ولا عفراء منك قريب
عشية لا خلفي مكر ولا الهوى
أمامي ولا يهوى هواي غريب
فوالله لا أنساك ما هبت الصبا
وما عقبتها في الرياح جنوب
وإني لتغشاني لذكراك هزة
لها بين جلدي والعظام دبيب
ثم أخذ يهيل التراب على جسده، وهو ينشد، والدموع تملأ مقلته:
خليلي من عليا هلال بن عامر
بصنعاء عوجاء اليوم واتنظراني
ولا تزهدا في الذخر عندي وأجملا
فإنكما بي اليوم مبتليان
ألما على عفراء إنكما غداً
بوشك النوى والبين معترفان
فيا واشيا عفراء ويحكما بمن
وما وإلى من جئتما تشيان
بمن لو أراه عانياً لفديته
ومن لو رآني عانياً لفداني
متى تكشفان عني القميص تبينا
بي الضر من عفراء يا فتيان
إذن تريا لحماً قليلاً وأعظماً
بلين وقلباً دائم الخفقان
وقد تركتني لا أعي لمحدث
حديثاً وإن ناجيته ونجاني
جعلت لعراف اليمامة حكمه
وعراف حجر إن هما شفياني
فما تركا من حيلة يعرفانها
ولا شربة إلا وقد سقياني
ورشا على وجهي من الماء ساعة
وقاما مع الواد يبتدران
وقالا: شفاك الله والله مالنا
بما ضمنت منك الضلوع يدان
فويلي على عفراء ويلاً كأنه
على الصدر والأحشاء حد سنان