وهل تيسر لمحمد في زمنه من أبحاث وآلات ودراسات ما تيسر لعلماء البحار في
عصرنا الذين اكتشفوا تلك الأسرار بالبحث والدراسة؟
علي: إن هذا العلم الذي نزل به القرآن لم يكن معارف كسبية إنه من لدن الله..
فالله الذي أنزل القرآن هو الذي خلق الأكوان، قال تعالى:﴿ قُلْ أَنْزَلَهُ
الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا
رَحِيمًا ﴾(الفرقان:6)
منطقة
المصب:
علي: لقد تحدث القرآن عن التقاء البحار المالحة بالأنهار العذبة، فقال:﴿
وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ
وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً} (الفرقان:53)
عالم المياه: هذه آية عجيبة تصف ظاهرة أخرى [1].. لقد شاهد الإنسان منذ القديم النهر يصب في البحر، ولاحظ أن ماء النهر
يفقد بالتدريج لونه المميز، وطعمه الخاص كلما تعمق في البحر، ففهم من هذه المشاهدة
أن النهر يمتزج بالتدريج بماء البحر، ولولا ذلك لكان النهر بحراً عذباً يتسع كل
يوم حتى يطغى على البحر.
ومع تقدم العلم وانطلاقه لاكتشاف أسرار الكون أخذ يبحث عن كيفية اللقاء بين
البحر والنهر، ودرس عينات من الماء حيث يلتقي النهر بالبحر، ودرس درجات الملوحة
والعذوبة بأجهزة دقيقة، وقاس درجات الحرارة، وحدد مقادير الكثافة، وجمع عينات من
الكائنات الحية وقام بتصنيفها، وحدد أماكن وجودها، ودرس قابليتها للعيش في البيئات
النهرية والبحرية.
وبعد مسح لعدد كبير من مناطق اللقاء بين الأنهار والبحار اتضحت للعلماء بعض
الأسرار
[1] انظر كتابا
للشيخ عبد المجيد الزنداني في هذا الموضوع اسمه (منطقة المصب والحواجز بين
البحار)