اسم الکتاب : الكلمات المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 110
لقد كان القرآن هو الدرة اليتيمة التي أخرجتهم من الهاوية
التي كانوا يحبسون فيها.. أفترى من تكون له مثل هذه الدرة يفرط في حفظها، أو
يتهاون في نقلها؟
قلت: عرفت كيف حفظ القرآن في الصدور.. وأنا أعلم الذاكرة
القوية التي يتمتع بها البدو.. لكأن ذاكرتهم مسجلة تسجل كل شيء، ولا يغيب عنها أي
شيء.. فحدثني كيف حفظ القرآن في السطور مع كونه كان في هذه البيئة التي تعتمد على
الذاكرة أكثر من اعتمادها على التوثيق؟
قال: صدقت في هذا.. فقد كانت بيئة محمد تعتمد على توثيق
الصدور أكثر من اعتمادها على توثيق السطور.. وهي ناحية مهمة ساهمت في حفظ القرآن.
قلت: كيف ذلك؟
قال: توثيق السطور قد يصبح هدفا للكتبة الكذبة.. فقد تتاح
لهم من الفرص ما يملأون كتبهم بالكذب.
قلت: وحفظ الصدور؟
قال: حاول أن تخطئ أي عامي يحفظ القرآن في حرف واحد منه..
لقد رأيت عالما يحاول مثل هذا مع صبي صغير، فلم يفلح.. حرف واحد لم يستطع أن
يضيفه.
لقد ذكرني ذلك بحديث قاله محمد يَحكيه عن ربه:( إنما بعثتك
لأبتليك، وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظان )[1]، فأخبر أن القرآن لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة قد يصيبها
الماء، فيذهب ما فيها من العلم.
وعامل آخر جعل من هذا النوع من الحفظ أهم من حفظ السطور هو
الحفاظ على القرآن غضا طريا باللغة التي كان ينطق بها محمد.. وهو ما لم يتحقق في
أي كتاب مقدس.. أليس كذلك؟
صمت، فقال: بلى.. فأكثر كتبنا منقولة عن العبرية إلى
اليونانية، ثم نحن لا نقرؤها باليونانية،