اسم الکتاب : الكلمات المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 111
بل نقرؤها بلغاتنا المحلية.
قلت: ولكن ـ مع ذلك ـ فإن لحفظ السطور أهميته، فكيف تسنى
لمحمد أن يحفظ كتابه بهذا الأسلوب في تلك البيئة البدوية الأمية؟
قال: نعم هي بيئة بدوية أمية.. ولكن مع ذلك كان فيها كتبة
يكتبون، وكان للعربية حروف جميلة تكتب بها.. وكان لهم مقاييس في الكتابة يخضعون
لها.
لقد ذكر القرآن الكتابة، ونوه بها، ودعا لاستعمالها في
التوثيق، فهو يقول:{ نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ}(القلم:1) ففي هذه
الآية قسم بالقلم الذي يكتب به، وبالسطور التي تكتب، والقسم لا يكون إلا بمحترم.
وهو يدعو إلى التوثيق بالكتابة في أطول آية قرآنية جاء
فيها:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ
بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ
بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ
فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ
وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً
أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ
بِالْعَدْلِ }(البقرة: 282) إني أقرأ هذه الآية، فأجد فيها من الأعماق ما لا
أستطيع التعبير عنه.. إنها لا تتحدث عن الدين فقط.. بل هي قانون حضاري رفيع.. انظر
جيدا كم فيها من تنويه بالكتابة وبالكتبة.
قلت: حدثني عن كتابة القرآن لا عن كتابة الدين.
قال: أترى الذي أمر بكتابة ديون قد لا تضر ولا تنفع يغفل
عن الأمر بكتابة القرآن.. لقد كان القرآن أهم عندهم من أنفسهم وأموالهم، فكيف
تتصور غفلتهم عن كتابته؟
قلت: عرفت حرص أصحاب محمد على حفظ كتابهم.. ولا يستغرب
منهم ذلك، فقد عاشوا مع محمد، وسمعوا منه، بل حفظوا القرآن على يديه.. ولكن الشك
يعتري سائر الأجيال التي لم تسمع، ولم تحفظ، ولم يكن لها من الهمم ما كان لأصحابه؟
قال: لا.. بل سمعت، وحفظت، وكان لها من الهمم ما لا يقل عن
همم أصحابه.. فلذلك لم
اسم الکتاب : الكلمات المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 111