ثم
ذكر كيف استغل الشيخ المربي ذلك الحال ليوجه الشيخ ابن عليوة من خلاله، فقال: (إلى أن اجتمعت بالأستاذ الشيخ سيدي محمد البوزيدي رضوان الله عليه. فقال لي ذات يوم وهو عندنا بدكاننا: إنه بلغني أنك تأخذ
الحية ولا تخشى من لسعها. فقلتُ له : نعم، كذلك كنت. فقال لي : هل يمكنك الآن أن
تأتينا بواحدة فتأخذها بحصورنا؟ فقلت له : مُتيسر. وذهبت من حيني إلى خارج البلد،
وبعد ما مر علي نصف يوم لم أجد إلا واحدة صغيرة يقرب طولها من نصف ذراع، فجئت بها
ثم وضعتها بين يديه، وأخذت أقلب فيها كما هي عادتي، وهو ينظر رضي الله عنه إلى
ذلك، ثم قال لي : هل تستطيع أن تأخذ أكبر من هذه الحية مما هو أكبر منها جرما؟
فقلت له : إنها عندي على السواء، فقال لي : ها أنا أدلك على واحدة أكبر وأشد منها
بأساً، فإن أمسكتها وتصرفت فيها فأنت الحكيم. فقلت له : فأين هي؟ فقال : نفسك التي
بين جنبيك، فإن سمها أشد من سم الحية، فإن أمسكتها وتصرفت فيها فأنت الحكيم. ثم
قال لي : اذهب وافعل بهاته الحية ما هو عادتك أن تفعل بها ولا تعُد لمثل ذلك.
فخرجت من عنده، وأنا أتخيل في شأن النفس وكيف يكون سمها أشد بأساً من سم الحية)[2]
وهكذا
استطاع الشيخ محمد البوزيدي، وهو من مشايخ الطريقة الدرقاوية
[1] الشيخ عدة بن تونس، الروضة السنية، المطبعة العلاوية، مستغانم، ص21.