اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 260
مهما
كانت طبيعته وأهميته، وعليه لا يوجد دور هين فيحتقر وآخر شريف يؤدي إلى التعالي
والتكبر، وإنما على كل أن يمارس صلاحياته في نطاق وظيفته وطبقته)[1]
وهذا التفسير الذي ذكره الشيخ ابن عليوة ــ كما ذكرنا ــ متفق عليه عند الصوفية
سواء كانوا من مدرسة السلوك أو مدرسة العرفان، وقد فلسف ابن عربي ذلك من الوجهة
العرفانية، فقال[2]:
لا تحقرن عباد الله إن لهم
قدرا ولو جمعت لك المقامات
أليس أسماؤه تبدي حقائقهم
ولو تولتهم فيها الجهالات
وعبر عن ذلك في وصية له يقول فيها: (وعليك بمراعاة كل
مسلم من حيث هو مسلم، وساو بينهم كما سوى الإسلام بينهم في أعيانهم، ولا تقل هذا
ذو سلطان وجاه ومال وكبير وهذا صغير وفقير وحقير ولا تحقر صغيرا ولا كبيرا في
ذمته، واجعل الإسلام كله كالشخص الواحد، والمسلمين كالأعضاء لذلك الشخص، وكذلك هو
الأمر فإن الإسلام ما له وجود إلا بالمسلمين، كما إن الإنسان ما له وجود إلا
بأعضائه وجميع قواه الظاهرة والباطنة وهذا الذي ذكرناه هو الذي راعاه رسول الله a فيما ثبت عنه من قوله في ذلك (المسلمون
تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد واحدة على من سواهم) [3][4]
ولكن هذا لا يعني خرق المراتب وعدم حفظها، فـ (كما
أنك تعامل كل عضو منك بما يليق به وما خلق له فتغض بصرك عن أمر لا يعطيه السمع،
وتفتح سمعك لشيء لا يعطيه
[3] أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، السنن الصغير، تحقيق: عبد المعطي
أمين قلعجي، جامعة الدراسات الإسلامية، كراتشي ـ باكستان، لطبعة الأولى1410هـ ،
1989م (3/ 206)