responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 212

ببسطها وتعظيمها إلى أن تملأ الحروف ما بين الخافقين، ويديم الذكر على تلك الهيئة إلى أن تنقلب صفاتها إلى شبه النور، ثمّ يشير له بالخروج عن هذا المظهر بكيفيّة يتعذر وصفها، فتنتهي روح المريد بسرعة مع تلك الإشارة إلى خارج الكون ما لم يكن المريد قليل الاستعداد، وإلاّ احتيج إلى تصفية وترويض، وعند تلك الإشارة يقع للمريد التميّيز ما بين الإطلاق والتقيّيد، ويظهر له هذا الوجود مثل الكرة أو القنديل، معلقا في فراغ معدوم البداية والنهاية، ثمّ يصير يضعف في نظره مع ملازمة الذكر، ومصاحبة الفكر، إلى أن يصير أثرا بعد عين، ثمّ يصير أثرا ولا عين، ويبقى على تلك الحالة حتى يستغرق المريد في عالم الإطلاق، ويتمكّن يقينه من ذلك النور المجرّد، والشيخ في جميع ذلك يتعاهده ويسأله عن أحواله، ويقوّيه على الذكر حسب المراتب، حتى ينتهي إلى غاية يشعر بها المريد من نفسه، ولا يكتفي منه إلاّ بذلك)[1]، وقد أشار الشيخ ابن عليوة إلى هذا في ديوانه قائلا[2]:

فتشخيص الحروف تحظى بفضله

إلى أن ترى الحروف في الآفاق تجلى

وليس لها ظهور إلاّ في قلبك

وبتمكن الاسم ترتحل الغفلا

فعظمنّ الحروف بقدر وسعكا

وارسمها على الجميع علويا وسفلا

وبعد تشخيص الاسم ترقى بنوره

إلى أن تفنى الأكوان عنك وتزولا

لكنّ بأمر الشيخ تفنى فلا بك

فهو دليل الله فاتخذه كفلا

يخرجك من ضيق السجون إلى الفضا

إلى فضاء الفضاء إلى أول الأولى

إلى أن ترى العالم لا شيء في ذاته

أقلّ من القليل في تعظيم المولى

فإن برز التعظيم تفنى في عينيّه

لأنّك لم تكن شيئا من أوّل الوهلا


[1] الشيخ عدة بن تونس، الروضة السنيّة في المآثر العلويّة، ص25.

[2] ابن عليوة، أعذب المناهل في الأجوبة والمسائل، نقلا عن: صفحات مطوية في التصوف الإسلامي، ص17.

اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 212
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست