يقول الشيخ العربي
التبسي معرفا بالمصدر الذي وصف
له الخلوة: (أضع بين يدي القارىء حكاية عن هذه الخلوة التي وصفناها بعض الوصف
تلقيتها من أحد الرجال، الذين دخلوا لهذه الخلوة، وأقام بها سبعة عشر يوما. وقد
فتح عليه كما يظن من قبل نفسه، ثم خرج منها للدعاية إلى العليوية)[2]
ولسنا ندري ما المنكر في أن يدعو للعليوية في الوقت
الذي كان فيه المبشرون والملاحدة ودعاة الإدماج والكل بما فيهم جمعية العلماء
يدعون إلى أنفسهم؟
بعد أن نقل هذا السند
المجهول، أخذ في وصف المحل والهيئة ونحوها كما نقله المخبر له، فقال : (إننا
أدخلنا إلى بيت مربع ونحن عدد لا يستهان به كثرة، وقد زودنا كلنا وصايا متفقة،
وجماع هذه الوصايا أن يذكروا لفظ ( اللــه) ويمدونه مدا ينقضي بانقضاء نفس
الإنسان، بلهجة وانفعال يتصنعونه أولا ثم يصير ملكة فيهم[3].. يؤكد
عليهم جد التوكيد أن تكون حروف لفظ الله حالة في قلوبهم، أعني يعتبرون هذه الحروف
مكتوبة في قلوبهم، فمن يعرف الكتابة فالأمر عليه سهل، ومن لا يعرفها يتحيلون عليه
حتى ينتهوا به إلى أن يضعها في قلبه كما وضعها رفقاؤه، ثم يغمضون أعينهم، ويقبلون
على ما يسمونه بالذكر، ويأمرهم أمرا لا هوادة فيه، بأن يجمعوا قوى الحواس الظاهرة
إلى الباطن، ويصرفونها إلى الحروف الحالة في قلوبهم. ومن ذهل عن هذه الحروف فليفتح
عينيه، ويأخذ شكل
[1] اخترنا ما ذكره باعتبار
صار مرجعا في هذه المسألة عند الكثير من السلفية المحدثين، ومقالته منتشرة في
نوادي الانترنت بكثرة.
[2] جريدة الشهاب، السنة الثالثة، عـدد 118، الخميس 20/10/1927م الموافق 23/ربيع
الثاني/1346هـ، ص 10.
[3] وقد عقب الشيخ
العربي التبسي على هذا بقوله: (ليس في وسع قلمي أن ينقله إلى القراء، وقد طلبت
إلى مخبري أن يلهج به أمامي مرات ففعل، فاقشعر جلدي، وملئت حزنا على ما لحق الاسم
الأعظم من التحريف الذي لا تعرفه العرب، لا من آمن منها، ولا من كفر)(المصدر
السابق)، وسنتحدث عن الإجابة عن هذا في الباب الرابع.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 210