اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 173
والقشيري
والمحاسبي، الذين كانوا خلاصة أهل السنة في أيامهم، فانتسبت إليهم هذه النابتة
المتأخرة، وصيرت طريقتهم كالملة المسـتقلة عـن ملة الإسـلام، وكل أمورهم جاءت على
خلاف طريقة القوم، ولم يحتفظوا بغير الاسم، فجاء تصوفهم خلقا جديدا، مشوه الصورة،
بشع المنظر، سيء المآل)[1]
ويذكر ابن باديس أنه كان
يحاكم صوفية عصره إلى الجنيد الذي هو
سيد الطائفة كما يقال، فينكرون تحكيمه، فقد ذكر (أن أحد الشيوخ المنتمين إلى
الطريق لما سمعني أستدل بكلام الجنيد على لزوم
وزن الأعمال والأقوال والأحوال والفهوم بالكتاب والسنة قال لي: (وما الجنيد إلا واحد
من الناس) وما صار الجنيد واحداً من
الناس إلا يوم استدللت بكلامه)[2]
ويبدو أن الشيخ البشير الإبراهيمي بالرغم من
تشدده مع التصوف والصوفية يحسن الظن بهذا النوع من التصوف، فقد قال عند تأريخه
للتنوع الصوفي: (وقد افترق النازعون إلى هذه النزعة من أول خطوة فرقًا. وذهبوا
فيها مذاهب، من القصد الذي يمثّله أبو القاسم الجنيد، إلى الغلو
الذي يمثّله أبو منصور الحلّاج، إلى ما بين هذين الطرفين، وكانت لأئمة السنّة
وحماتها- الواقفين عند حدودها ومقاصدها ومأثوراتها- مواقف مع الحاملين لهذه
النزعة، وموازين يزنون بها أعمالهم وآراءهم وما يبدر على ألسنتهم من القول فيها،
ولسان هذه الموازين هو صريح الكتاب وصحيح السنّة، وكانت في أول ظهورها بسيطة تنحصر
في الخلوة للعبادة أو الجلوس لإرشاد وتربية من يشهد مجالسهم، ثم استفحل أمرها
فاستحالت علمًا مستقلًا، يشكّل معجمًا كاملًا للاصطلاحات)[3]
[1] بدعة الطرائق في الإسلام. جريدة الشهاب. السنة 4. عدد 169. 12/جمادى1/1347هـ. الموافق 25/10/1928م. ج 3. ص 6. 7.