اسم الکتاب : جمعية العلماء المسلمين والطرق الصوفية و تاريخ العلاقة بينهما المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 191
إنما يتوسل بدعائه، ثم ان من أخذ بالوجه الأول فهذا الدعاء حكمه باق بعد وفاته كما كان في حياته، ومن أخذ بالوجه الثاني لا يكون بعد وفاته. لأن دعاءه إنما كان في حياته لمن دعا له. فالوجهان المتقدمان- كما ترى- هما مثار الخلاف في جواز التوسل بذاته وعدم جوازه، فمن أخذ بالوجه الأول جوز ومن أخذ بالثاني منع)[286]
بل إن الشيخ ابن باديس لم يكتف بمناصرة التوسل، بل مارسه، واعتقد تأثيره، فقد حدث عن نفسه قال: (نصحني سيدي الطالب إذا يسر الله لي زيارة القبر الشريف أن أسأله عليه وآله الصلاة والسلام الشفاعة، وقد يسر الله لي ذلك وله الحمد والمنة منذ عشرين سنة، وقد دعوت الله وحده وتوسلت له بنبيه وتوجهت إليه به أن يميتني على ملته، ويجعلني من أنصار سنته، وأهل شفاعته، إلى أشياء أخرى قد استجاب الله تعالى بعضه، وأنا أرجو الاستجابة في الباقي)[287]
وهكذا عند حديثه عن أدب العارفين مع رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقد قال: (اعلم أن السادة العارفين هم أرسخ الناس قدما في محبة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- وتعظيم حرمته، ومراعاة شريف جانبه، وتعزيزه وتوقيره وبره. تجد ذلك في صلواتهم عليه، وفي أدعيتهم لله تعالى عند ذكره، والتوسل به، وفي مناجاتهم له عند الشوق إليه، وفي تأليفهم عند الكلام في حقه. وهذه أشياء مروية عنهم، معروفة منهم، لا تحتاج إلى شاهد ولا تخفى على طالب بل هم أكثر الناس أدبا مع شيوخهم ومربيهم ومريديهم، بل هم آدب الناس من جميع الناس)[288]
وبناء على هذا ذكرنا أنه لو كان الأمر لابن باديس صرفا في رئاسة الجمعية لما أصبحت عدوا لدودا للطرق الصوفية، ولما انشغلت بما انشغلت به من جزئيات، ولقبلت الصلح مع