اسم الکتاب : جمعية العلماء المسلمين والطرق الصوفية و تاريخ العلاقة بينهما المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 189
الأمثلة على ذلك:
1 ــ من المتفق عليه عند السلفية عموما إنكار التوسل إلى الله، بل اعتباره شركا، لكن ابن باديس يخالف ذلك، بل يروي الحديث الذي يجمع السلفية على كتمانه، وكان في إمكانه أن يختار غيره من الأحاديث ليشرحه، وقد كان ما ذكره فيه من إيراده له وشرحه مثار سخط من السلفية الحديثة التي تعتبر القول بشرعية التوسل كالقول بشرعية الشرك.
والحديث المشار إليه هو ما حدث به عثمان بن حنيف: أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم فقال: ادع الله أن يعافيني قال: إن شئت دعوت وإن شئت صبرت، فهو خير لك. قال: فادعه، قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي اللهم فشفعه في)[282]
وقد بدا ابن باديس في شرحه للحديث كالصوفية المحدثين الذين ينتصرون لأمثال هذه النصوص، فقد حاول جهده أن يبين صحته، وكأنه يرد بذلك على من يريد تضعيفه، فهو يقول – تحت عنوان (رتبة الحديث العلمية والعملية): (قال فيه الترمذي: حسن صحيح غريب)
ثم شرح هذه المصطلحات، وحاول من خلالها أن يركز على غرابته كما يفعل الاتجاه السلفي، ولكنه عكس ذلك تماما، بل قال:( وما يقول فيه أبو عيسى الترمذي: حسن صحيح أقوى مما يقول فيه حسن فقط، لأن وصفه بالصحة مع وصفه بالحسن يفيد أن خفة الضبط في بعض رجاله تكاد لا تؤثر عليه حتى كأنها لم تحطه عن رتبة الصحبح التام.. وأما الغريب فهو ما انفرد بروايته راو فقط وإذا كان ذلك المنفرد ثقة فذلك الانفراد لا يضر فالغرابة لا
[282] محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، الجامع الصحيح سنن الترمذي، دار إحياء التراث العربي – بيروت، تحقيق : أحمد محمد شاكر وآخرون، (5/ 569)
اسم الکتاب : جمعية العلماء المسلمين والطرق الصوفية و تاريخ العلاقة بينهما المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 189