هذا شاهد من شواهد اعتدال ابن باديس، ونحب أن نبين أن هذه الرحلة قام بها ابن باديس في سنة 1931، وفيه رد بليغ على من يزعم بأن الطريقة العلاوية هي التي أرادت أن تغتال ابن باديس.
بعد هذا نتأسف أن تكتم مثل هذه الشهادات من الباحثين ثم يقتصر فقط على تلك الأوصاف الشنيعة التي وصف بها الشيخ الزاهري الشيخ ابن عليوة، ولسنا ندري أيهما أحكم وأعقل، وأيهما أقرب تمثيلا للجمعية: هل هو ابن باديس أم الزاهري؟ ولكن الكثير من الباحثين للأسف ينتهجون منهج الانتقاء، فيرفعون من يشاءون رفعه، ويخفضون من شاءوا خفضه.
بالإضافة إلى هذا، فقد كانت لابن باديس علاقة طيبة بالكثير من الزوايا، كالزاوية الدردورية لأن أحد أبناء هذه العائلة وهو الشيخ عمر دردور[281] الذي كان من تلاميذ ابن باديس ثم من وجوه الإصلاح في الأوراس بعد ظهور الجمعية، والإمام ابن باديس قد زار العائلة الدردورية في حيدوس، ونزل ضيفا عند دار الشيخ عمر دردور 1933 في إطار جولة قام بها الى المنطقة.
بالإضافة إلى هذا كله، فإنا نرى أن الكثير من مواقف ابن باديس تختلف اختلافا جذريا عن التوجه السلفي المحافظــ، بل تجعله أميل إلى التصوف منه إلى السلفية، وهذه بعض
[281] عمر دردور: من مواليد 1913 في قرية حيدوس بوادي عبدي وفيها حفظ القرآن، درس بالزاوية العثمانية بطولقة، ثم اتجه الى قسندلينة ليلتحق بطلبة الجامع الأخضر، والأخذ عن الإمام ابن باديس الذي لازمه مدة 5سذوات، مؤسس الشعبية الأوراسية لجمعية العلماء سنة1936، (انظر: صلاح مؤيد، الزوايا والطرق، ص803. علي عزوزي: زاوية ال دردور، ص39)
اسم الکتاب : جمعية العلماء المسلمين والطرق الصوفية و تاريخ العلاقة بينهما المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 188