responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 94

 

ولذلك كان في إمكانه أن يناقش تلك الأحاديث التي يرى أنها لا تتفق مع الصورة الصحيحة للدجال بحسب الروايات المعتبرة، وكان في إمكانه أن ينكر بعض التفاصيل التي لم تتواتر الأدلة عليها، أو لم تثبت في الأحاديث الصحيحة، لكنه لم يفعل، وراح مثل التنويريين جميعا يهدمون كل ما لا يستسيغونه، متصورين أن ذلك حكم العقل، بينما هو في حقيقته ليس سوى حكم للهوى.

فالعقل يحترم نفسه، ويعلم أن الجرأة على إنكار ما لم ييسر لنا علمه صعبة بل مستحيلة، كما قال تعالى في ذكره لهذا النوع من التفكير: { بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} [يونس: 39]

وهكذا هؤلاء، يكذبون بشيء لم يحيطوا بعلمه، ولا لديهم أدوات ذلك، وفوق ذلك لا يعرفون تأويله وحقيقته الواقعية، لأن الزمن حجاب بينهم وبينه.

وسبب ذلك كله هو أن العقل التنويري ـ بسبب مراهقته الفكرية ـ يتصور أنه أوتي مفاتيح الحقائق، وأنه من خلالها يثبت ما يشاء، وينكر ما يشاء، من غير برهان ولا حجة ولا دليل إلا الهوى المجرد.

وهو لذلك يفعل مثلما يفعل ذلك المراهق المتهور الذي يتصور أنه ـ من خلال الحروف القليلة التي درسها ـ يستطيع أن يحكم في كل شيء، بخلاف الشيخ الحكيم الذي حنكته التجارب، والذي يتأنى قبل أن يدلي برأيه في أي قضية.

اسم الکتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 94
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست