اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 62
تفكيكه تفكيكا
تاما، وذلك بعد تخليصه من القداسة، أي أن كل شيء يصبح في مباحا للمبضع الحداثي
ليزيله بحجة وقوفه في وجه التنوير.
يقول هاشم صالح
معبرا عن أفكار أركون في هذا المعنى الخطير: (.. فكل دين يزعم امتلاك الحقيقة
الالهية المقدسة دون غيره، وعلى هذا النحو تشكلت الأنظمة اللاهوتية الثلاثة،
وسيطرت على العقول طيلة العصور الوسطي، أقصد الانظمة اللاهوتية اليهودية،
فالمسيحية، فالإسلامية.. وقد مارست دورها ـ كما يقول أركون في احدي أطروحاته
الشهيرة ـ على هيئة أنظمة للنبذ والاستبعاد المتبادل، فكل دين يتهم الاديان الأخري
بأنها خرجت على الصراط المستقيم، أي الأرثوذكسية باللغات الاجنبية..وبالتالي فهي
تنبذ بعضها بعضا، ثم تستبعد بعضها بعضا من جنة الله والنجاة في الدار الآخرة، كل
واحد يكفر أتباع الأديان الأخرى، وكل طائفة تعتقد اعتقادا جازما أن الله اصطفاها
وحدها دون سواها)
وهذا الطرح كله
مبني على فلسفة كانط التي استند إليها أركون وكل الحداثيين، وهي عدم امتلاك أي دين
لأي مصداقية في ذاته، أو براهين ثابتة تدل عليه، وأن الأديان مجرد اختيارات بشرية،
ولا يستطيع أي دين من الأديان أن يزعم أنه يملك الحقيقة أو الأدلة على ثبوته وكونه
من الله تعالى.
وبذلك لا يمكن
لأي شخص أن يحاور أمثال هؤلاء.. لأنه إن قيل له ما ذكره القرآن الكريم في حواراته
مع المخالفين: ﴿ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾
[البقرة: 111]، أعرضوا ونأوا واكتفوا بذكر أطروحاتهم بكل استعلاء، لأن كل البراهين
الدينية عندهم ليست عقلية، ولا علمية، لسبب بسيط وهو أن كانط في ذلك الزمان أن
الدين يستند للعقل العملي، والاختيار البشري، والإيمان المجرد، ولا
اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 62