اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 59
من غير مراعاة
للاختلاف الشديد بينهما، ولهذا يطالبون بمحاكمة المصادر المقدسة للمسلمين، بما
حوكمت به المصادر المقدسة للمسيحيين مع البون الشديد بين كلا المصدرين.. المصدر
الممتلئ بالتحريف الذي لا يمكن لأي عقل تجاهله، والمصدر الممتلئ بالقيم الثابتة،
بل بدلائل الإعجاز التي لا يمكن لأي صادق في البحث أن يمر عليها من دون أن يتأثر
بها.
ولهذا نراه
دائما يتأسف للتأخر الهائل الذي يعاني منه الفكر الإسلامي قياسا إلى الفكر المسيحي
في أوروبا.. وهو يتأسف كذلك لكونه من أكبر الأديان في تاريخ البشرية، وقد يصبح أكبرها
من حيث العدد عما قريب.. (لكنه مع ذلك توقف عن التطور والتجدد بعد إغلاق باب
الاجتهاد والدخول في عصر الانحطاط: أي عصر الجمود والتكرار والاجترار. هذا في حين
ان المسيحية، في أوروبا الغربية على الأقل، اضطرت إلى تجديد رسالتها الدينية وإعادة
تأويل نصوصها المقدسة بسبب الصعود الذي لا يقاوم للعقل العلمي والفلسفي منذ القرن
السابع عشر.. وبالتالي فأوروبا ليست متفوقة علينا بالتكنولوجيا والعلوم الفيزيائية
والرياضية فقط وانما هي متفوقة أيضا في العلوم الدينية أو فلسفة الدين. وهذا شيء
نجهله تماما.. أوروبا دخلت الآن لاهوت ما بعد الحداثة في حين أننا لا نزال نتخبط
في لاهوت ما قبل الحداثة: أي لاهوت القرون الوسطي وفقهها القديم)
وهكذا لا يكتفي
أركون وغيره من الحداثيين بدعوتنا إلى اعتماد المناهج الغربية، وإنما يدعونا إلى
التأسي بالمسيحية وتطورها، وهو لا يعلم أن بعض المدارس المسيحية لم تتطور إلا بعد
أن تخلصت من القيم المسيحية نفسها.
وقد ذكر بعضهم
ذلك التطور الذي حصل للكنيسة والمسيحية، معبرا عن
اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 59