اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 47
يعرفها إلى من
أفنى ذاته في ذات الله، وفر إلى الله من نفسه، كما قال تعالى: ﴿فَفِرُّوا
إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ
اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ [الذاريات:
50، 51]
ولن يفهم الإنسان
إلا من ترك ذاته وهاجر إلى الله ورسوله، وردد مع إبراهيم عليه السلام: ﴿إِنِّي
مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [العنكبوت:
26]
ولن يفهم
الإنسان إلا من عجل بالرحلة إلى الله، لينال المواهب الحقيقية التي تجعل روحه تسمو
إلى عليين، كما قال موسى عليه السلام: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ
لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84]
ولهذا، فإن أول
ما يخسره هؤلاء الحداثيون هو أنفسهم وحقيقتهم ووجودهم، لأنه لا وجود لهم من دون
وجود الله، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ
بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ
شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ
الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ
فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا
أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا
فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ [النور: 39، 40]
وأعظم ما يخسره
هؤلاء التنويريون الذين جعلوا كل همهم عشق أنفسهم ومحبتها والوله بها، ذلك المعنى
الذي ذكره الله تعالى عن عباده المؤمنين، فقال: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ
وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ [البقرة: 165]
ولذلك لن يتذقوا
أبدا من ذلك الشراب الذي شربه المؤمنون بعد فنائهم عن أنفسهم، وسباحتهم في بحار
المحبة الإلهية مخاطبين الله تعالى بقوله:
اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 47