اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 46
النظر إلى مرآة
نفسه، أو كما ذكر ملهمهم سارتر
أنه عندما توفي والده هنأ نفسه بموته، لشعوره بتحرره منه، وقد قال في ذلك: (لو كان
أبي حيًا لكان تمدَّد عليَّ بملء قامته وسحقني، ولحسن حظي مات أبي عندما كنت
صغيرًا.. إن موت جان باتسيت (والده) كان الحدث الأهم في حياتي، لقد أعاد إليَّ
حريتي)[1]
وهكذا كان ينظر
بعين الريبة للذين يبدون له مودتهم ومحبتهم، فقد كان يقول عنهم: (إننا منذ الآونة
التي نشعر فيها بأن إنسانًا آخر ينظر إلينا، إنما نشعر أيضًا بأن الآخر يسلبنا
عالمنا على نحو من الأنحاء، هذا العالم الذي كنا نمتلكه وحدنا حتى هذه اللحظة)،
وقال: (إنني ابتداءً من الآونة التي أشعر فيها أن أحدًا ينظر إليّ، أشعر أنني سلبت
عن طريق نظر الآخر الموجه إليّ وإلى العالم، إنّ العلاقة بيننا وبين الآخرين هي
التي تخلق شقاءنا)
والملاحدة والحداثيون يتصورون أنهم بهذا الطرح
يحرررون الإنسان من أي سلطة خارجية تتحكم فيه، لكنهم ينسون أنهم بهذا السلوك
يخرجون الإنسان من دائرة السلطة والحكم الإلهي إلى دائرة حكم الهوى، وسلطة
الشياطين.
وهم بذلك لن
يكسبوا الإنسان، وإنما سيخسرونه، لأنه يستحيل للإنسان أن يكون إنسانا ويتحقق
بمعاني إنسانيته ما لم يكن مسلما تسليما مطلقا لله، مثلما يسلم الخليفة للمستخلف.
بالإضافة إلى
كونهم ـ بذلك ـ يقصرون الإنسان على هذا الجسد الفاني، وتلك النفس الأمارة.. أما
المعاني الروحية السامية، فلا وجود لها في قواميسهم، لأنه لا