اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 175
رحمة الله
الواسعة، ولذلك لن يحاسب على معاقرته الخمر، لكونه غير مكلف؛ وبذلك فلن يصاب بأي
عقوبة، ولن يحرم من أي مزية.
وهذا ما يجعل
اللبيب حيرانا في الجمع بين العدالة والرحمة الإلهية.. فإن كانت الرحمة الإلهية
واسعة إلى ذلك الحد، فلماذا كان أشقى الناس بها المؤمنون الذين بلغتهم الدعوة..
والذين يتمنون لو أنهم عاشوا في أوروبا وأمريكا صعاليك ملاحدة؛ فذلك خير لهم من أن
يعيشوا في بلاد الإسلام ليشقوا في الدنيا، ثم يشقوا في الآخرة.
وقد ذكرت الجواب
المفصل عن هذه الشبهة في كتابي [أسرار الأقدار]، عند حديثي عن العدالة الإلهية،
وطرحت فيه الآراء المختلفة في المسألة، وبينت مدى صلتها بالرحمة والعدالة الإلهية،
ولذلك سأكتفي هنا بالقول الذي يتناسب مع العدالة والرحمة الإلهية، وهو قول ينسجم
مع العقل والحكمة، كما ينسجم مع الرحمة والعدالة، كما ينسجم مع النصوص الكثيرة
المتعارضة، ويلغي التعارض بينها.
وهذا القول هو
أن كل هؤلاء الذين لم تتح لهم فرصة التكليف في الدنيا بأي سبب من الأسباب
كالمجانين والصبيان ومن لم تبلغهم الدعوة أو بلغتهم مشوهة، يجرى عليهم امتحان جديد
في الآخرة، وذلك بأن يوضعوا في محال معينة، ويرسل إليهم الله تعالى رسولا ـ كما
ورد تفصيل ذلك في الحديث ـ فمن أطاع الرسول دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، وبناء
على ذلك يكون بعضهم في الجنة، وبعضهم في النار.. وبذلك تجتمع النصوص المتعارضة في
المسألة.
وهذا القول
ينسجم مع العقل بادئ الرأي ذلك أننا إن قلنا بأنهم يدخلون النار، فبأي جناية
جنوها؟.. وإن قلنا: إن أمرهم للمشيئة، أو لعلم الله فيهم، فلماذا لم يكن
اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 175