اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 173
قولهم: يقدم
العالم وأزليته، ولم يذهب أحد من المسلمين إلى شيء من هذه المسائل)[1]
فكيف يستدل
بكلام من يقول هذا في جواز الترحم على من لا ينكر النعيم الجسدي فقط، بل ينكر
الآخرة أيضا، وينكر معها الله رب العالمين، ولا يكتفي بالإنكار المجرد، بل يستعمل
العلم وسيلة للدعوة لذلك الإنكار؟
ولم يكتف
الغزالي بكبار الفلاسفة كابن سينا والفارابي، بل راح للمتابعين لهم على أقوالهم
يشن عليهم حملته الكبرى في كتابه [تهافت الفلاسفة]، والذي قال في مقدمته: (أما
بعد، فإني رأيت طائفة يعتقدون في أنفسهم التميز عن الأتراب والنظراء بمزيد الفطنة والذكاء
قد رفضوا وظائف الإسلام، واستحقروا شعائر الدين، بل خلعوا بالكلية ربقة الدين
بفنون من الظنون يتبعون فيها رهطا يصدون عن سبيل الله، ويبغونها عوجا)[2]
ونحن، وإن كنا
ننكر عليه هذا التكفير، ولكنا أردنا من خلال ذكره أن ننبه هؤلاء الذين قرأوا نص الغزالي
مقلوبا، ولم يفهموا مقصوده، فنقلوه من الرحمة إلى الترحم، ومن المجتهدين في البحث
عن الحقيقة إلى المقصرين فيها، ومن العامة البسطاء إلى العلماء الكبار الباحثين،
ومن الساكتين اللا أدرية إلى المصرحين بإلحادهم.
وهذا كله كيل
بالمكاييل المزدوجة، وتلاعب بالعواطف، بل عبث بها، والبحث العلمي يأبى ذلك كله.