اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 171
ولا يخلع إلا
على من أبلى عمره في الخدمة والنصرة)
وعند حديثه عن رتبة
المعذّبين، ذكر أنها رتبة (من تحلّى بأصل الإيمان ولكن قصّر في الوفاء بمقتضاه،
فإنّ رأس الإيمان هو التوحيد وهو أن لا يعبد إلّا اللّه، ومن اتّبع هواه فقد اتّخذ
إلهه هواه فهو موحّد بلسانه لا بالحقيقة، بل معنى قولك: «لا إله إلّا اللّه» معنى
قوله تعالى: «قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ» وهو أن تذر بالكلّية غير اللّه ومعنى
قوله «الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا» ولمّا كان الصراط
المستقيم الّذي لا يكمل التوحيد إلّا بالاستقامة عليه أدقّ من الشعر وأحدّ من
السيف مثل الصراط الموصوف في الآخرة فلا ينفكّ بشر عن ميل عن الاستقامة ولو في أمر
يسير، إذا لا يخلو عن اتّباع الهوى ولو في فعل قليل وذلك قادح في كمال التوحيد
بقدر ميله عن الصراط المستقيم فذلك يقتضي لا محالة نقصانا في درجة القرب ومع كلّ
نقصان ناران نار الفراق لذلك الكمال الفائت بالنقصان، ونار جهنّم كما وصفها القرآن
فيكون كلّ مائل عن الصراط المستقيم معذّبا مرّتين من وجهين ولكن شدّة ذلك العذاب
وخفّته وتفاوته بحسب طول المدّة إنّما يكون بسبب أمرين أحدهما قوّة الإيمان وضعفه،
والثاني كثرة اتّباع الهوى وقلّته)[1]
هذا بعض ما ذكره
في [إحياء علوم الدين] من مراتب الناس، وخطورة ما ينتظرهم إن قصروا في الإيمان
بالله، أو في سلوك سبيله، أو تجاوز حدوده.
وهكذا نجده في
سائر مواقفه؛ حيث نرى موقفه من الفلاسفة منسجما مع ما ذكره في كتبه جميعا؛ فهو
يكفر الكثير منهم، مع كونهم موحدين، ويمارسون كل ما