اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 107
الدجل في عقله
الباطن.
أو ربما يتنازل،
فيعتبرها رؤيا ملكوتية، لكنه يؤولها بما يفعله الكثير من التنويريين؛ فيفسر الذبح
بذبح التخلف والفقر والسلبية ونحوها.. أو يفسرها بذبح كل تحكم أو توجيه لابنه
ليتركه يعيش حياته الطبيعية، وكأنه من غير أب، وكأن الأب من غير ابن..
ويمكنه أن
يفسرها بما تعود التنويريون أن يفسروا به الحقائق؛ فيغيروها عن مسارها الذي تدل
عليه؛ فإن عجز عن ذلك دله التنويريون على تجاهل الرؤيا، وعدم اعتبارها، بل إقناع
نفسه أنه لم يرها أصلا..
لكن إبراهيم
عليه السلام، والذي يعلم أنه عبد الله، وأنه لا يملك من أمره شيئا لم يفهم من تلك
الرؤيا إلا أنها أمر إلهي بذبح ابنه.. فهم ذلك مع علمه اليقيني القاطع برحمة الله
ورأفته بعباده.. ولكنه يعلم في نفس الوقت أن الله حكيم ولطيف، وأنه لحكمته ولطفه
يدبر من التدابير لعباده ما تتحقق به الرحمة والرأفة في أجلى مراتبها.
لقد كان يعلم أن
الذي أوحى إليه بذلك الأمر إله عظيم خلق هذا الكون جميعا، وقدراته لا حد لها،
وعلمه لا حد له.. فلذلك راح يلغي العقل المحدود، والذوق القاصر، ويسلم نفسه تسليما
مطلقا لصاحب العلم المطلق، والرحمة الواسعة.
وهذا هو
الإسلام.. فالإسلام هو أن نسلم وجوهنا إلى الله.. ولا ندبر معه.. ولا نقترح عليه..
بل نعلم أن أمره لا يكون إلا لخير أو مصلحة حتى لو جهلناها نحن، ولم تتناسب مع
مزاجنا، كما لا يتناسب الذبح مع مزاج أي أب في الدنيا.. فالمزاج يتناقض مع
التسليم.
وهذا ما فهمه
إسماعيل عليه السلام أيضا، وهو الشاب اليافع الذي لم يتردد
اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 107