اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 108
ولم يحتل على
أمر الله.. بل بمجرد أن طرح عليه أبوه القضية راح يرد عليه من غير تفكير ولا تلكؤ،
ولا طلب إقناع، فيكفي أن يكون الله هو الآمر حتى يكون ذلك مبررا لقناعتنا، لقد قال
له بكل هدوء: ﴿يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ
اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ [الصافات: 102]
ولهذا عقب الله
تعالى على تصرف الأب وابنه تجاه أمره بكونه إسلاما، فقال: ﴿فَلَمَّا
أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: 103]
وهذا الذي فعله
إبراهيم عليه السلام، والذي يستحيي من ذكره بعض المتنورين، هو أقوى ابتلاء واجهه
إبراهيم عليه السلام، بل هو أقوى من تلك النار التي أوقدت له.. ذلك أن النار فرضت
عليه.. أما ذبح ابنه فلم يُفرض، بل تُرك له الخيار.
وقد نجح إبراهيم
عليه السلام في الاختبار.. لكونه لم يعمل عقله القاصر، ولا مزاجه المحدود، ولا
رأيه الضعيف، ولا بيئته الجاهلة، ولا أي شيء آخر.. أعمل فقط ما أمره به ربه حتى لو
كان ذلك الوحي رؤيا منامية.
هذا المعنى هو
الذي ينبغي أن نفهم من خلاله الإسلام.. فالإسلام هو دين الله المعبر عن مرضاته..
والله خالق كل شيء.. وهو ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾
[الأنبياء: 23].. فلذلك كان الأدب مع الله هو التسليم المطلق له، مثلما نسلم
أنفسنا للطبيب الجراح ثقة منا فيه وفي علمه المحدود وقدراته القاصرة.
وحين يتحقق منا
التسليم المطلق لله تأتينا هدايا الله، ونرى جميل لطفه، مثلما حصل تماما مع
إبراهيم عليه السلام، فبمجرد أن تله للجبين ناداه الله: ﴿ أَنْ
يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي
الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ
اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 108