فهذا الحديث
الشريف يبين حقيقة التقوى، وهي توقي الحرام والشبهات وكل ما يؤدي إليهما.. ويبين
أن التحقق بذلك كله متوقف على صلاح القلب.
قال الحكيم:
بورك فيك.. وفي فهمك عن نبيك.. فحدثني عن كيفية تحقيق ذلك في الواقع.. وهل يمكننا
أن نقدم على أمر دون أن نعلم حكم الله فيه؟
قال الرجل:
تلك هي الضلالة بعينها، فالتقوى تستدعي تقديم الله ورسوله.. وألا نفعل شيئا قبل أن
نعلم حكم الله فيه.. كما قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1]، وقال: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ
وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ
ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 36]
قال الحكيم:
فهيا بنا نطبق ذلك على ما أنتم فيه.. فهل ترون أن التقوى تدعوكم لقتل بعضكم بعضا؟
قام رجل، وسل
سيفه، وهو يقول: أجل.. فلولا التقوى ما خرجنا من ديارنا، فقد سمعنا أن هؤلاء حرفوا
ديننا، وابتدعوا فيه بدعا عظيمة.. ونحن ما خرجنا إلا لقتالهم لنقتل معهم بدعهم
وضلالاتهم.
قال الحكيم:
فهل عرضتم هذا على الله ورسوله قبل أن تقدموا عليه؟
قال الرجل:
أجل.. لقد عرضناه.. وقد أخبرنا رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
أن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
قال الحكيم:
لكن هذا الحديث يتوعد صاحب البدعة بالنار.. ولم يتوعده بالقتل..