اسم الکتاب : الطائفيون والحكماء السبعة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 114
في ذلك: (من المعروف في سنن الاجتماع أن كل طائفة
قوي شأنها، وكثر سوادها، لا
بد أن يوجد فيها الأصيل والدخيل،
والمعتدل والمتطرف، والغالي والمتسامح، وقد
وجد بالاستقراء أن صوت الغالي أقوى صدى، وأعظم استجابة، لأن التوسط منـزلة الاعتدال، ومن
يحرص عليه قليل في كل عصر ومصر،
وأما الغلو فمشرب الأكثر، ورغيبة السواد الأعظم، وعليه
درجت طوائف الفرق والنحل، فحاولت الاستئثار بالذكرى، والتفرد بالدعوى، ولم
تجد سبيلاً لاستتباع الناس لها إلا الغلو بنفسها، وذلك
بالحط من غيرها، والإيقاع بسواها، حسب
ما تسنح لها الفرص، وتساعدها الأقدار، إن
كان بالسنان، أو اللسان)[1].
وقال مدافعا عن المتهمين بالبدعة: (ولكن
لا يستطيع أحد أن يقول: أنهم تعمدوا الانحراف عن الحق، ومكافحة الصواب عن سوء نية، وفساد
طوية، وغاية ما يقال في الانتقاد في بعض آرائهم: إنهم اجتهدوا فيه فأخطأوا، وبهذا
كان ينتقد على كثير من الأعلام سلفاً وخلفاً لأن الخطأ من شأن غير المعصوم، وقد قالوا: المجتهد يخطئ
ويصيب: فلا غضاضة ولا عار على المجتهد أن أخطأ في
قول أو رأي، وإنما الملام على من ينحرف عن الجادة
عامداً معتمداً، ولا يتصور ذلك في مجتهد ظهر فضله، وزخر علمه)[2].
وقال: (دع مخالفك ـ إن كنت تحب الحق ـ يصرح بما يعتقد، فإما أن يقنعك وإما أن تقنعه ولا تعامله بالقسر فما
انتشر فكر بالعنف أو تفاهم قوم بالطيش والرعونة. من
خرج في معاملة مخالفه عن حد التي هي أحسن يحرجه فيخرجه عن الأدب ويحوجه إليه لأن
ذلك من طبع البشر مهما تثقفت أخلاقهم وعلت في الآداب مراتبهم. وبعد فإن