اسم الکتاب : التراث السلفي تحت المجهر المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 369
وقد علق على
هذه الجرائم في حق العلم والمعرفة بقوله: (ويُستنتج مما
ذكرناه أن عمليات حرق كتب الفلسفة ومنع بيعها وتداولها بين الناس وأهل العلم، تمت على أيدي السلاطين ورجالهم، وتحت رعايتهم، لأنهم
هم الذين يملكون قوة التغيير والتنفيذ، وتلك العمليات هي
حوادث قليلة جدا بالنظر إلى اتساع رقعة العالم الإسلامي، وطول
الفترة الزمنية التي تزيد عن عشرة قرون لكنها تدل على وجود مقاومة سنية للفلسفة
اليونانية ساهم فيها بعض الخلفاء والسلاطين وأعوانهم، لكنها
تشير من جهة أخرى إلى انتشار تلك الفلسفة بين طائفة من أهل العلم، حتى استدعى الأمر تدخل السلطان لحرق مصنفاتها ومنع
بيع كتبها والاشتغال بها. لكنها ساهمت أيضا في إضعاف نفوذ الفلسفة ورجالها، دون أن تقضي عليها وعلى تراثها وأتباعها) [1]
ومن تلك
المواقف التي ذكرها السلفي الأكاديمي مشيدا بها (إهدار دم بعض رجال الفلسفة وقتل
آخرين)، ومن الشواهد التي ذكرها لذلك[2]: قتل الخليفة العباسي المهدي (ت196 هـ) للفيلسوف أبي الفضل
صالح بن عبد القدوس الأزدي (ت ق:
2هـ)، بسبب التهمة التي كان يلفقها السلفية لكل من خالفهم
تهمة الزندقة[3].
ومنها قتل الخليفة
العباسي المعتضد (ت 289هـ) للفيلسوف أحمد بن الطيب السرخسي (ت 286هـ) لفلسفته وخبث
معتقده، كما يذكر[4].. وقيل بل قتله لمدحه الفلاسفة وميله إليهم، وتصويب أفكارهم وحكاية مذهبهم في حضرة الخليفة، الذي كان يقول له: أنت
على دينهم، وكيف لا تكون كذلك وأستاذك يعقوب الكندي؟، فاعتقد أن