اسم الکتاب : السلفية والنبوة المدنسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 173
والعوض
العظيم النفيس في مقابلتها، وهذه سنة الله تعالى في أصفيائه وأوليائه عليهم
السلام. فقد روي عن الرسول (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) أنه قال وقد سئل أي الناس أشد بلاء فقال:
(الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل من الناس)، فنظهر من صبره (ع) على محنته وتماسكه ما صار به إلى الآن مثلا، حتى روي
أنه كان في خلال ذلك كله صابرا شاكرا محتسبا ناطقا بما له فيه المنفعة والفايدة،
وأنه ما سمعت له شكوى ولا تفوه بتضجر ولا تبرم، فعوضه الله تعالى مع نعيم الآخرة
العظيم الدائم أن رد عليه ماله وأهله وضاعف عددهم في قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ
أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾
[الأنبياء: 84] وفي سورة ص ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ
مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [ص: 43]، ثم
مسح ما به من العلل وشفاه وعافاه وأمره على ما وردت به الرواية، بأن أركض برجلك
الأرض فظهرت له عين فاغتسل منها فتساقط ما كان على جسده من الداء. قال الله تعالى:
﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ﴾ [ص: 42] ) [1]
ثم رد على
سلف السلفية في ادعائهم لتلك الأمراض المنفرة التي أصابت (ع)، والتي جعلت محل استقذار من قومه، فقال: (فإن قيل، أفتصححون ما روي أن الجذام
أصابه حتى تساقطت أعضاؤه؟ قلنا: إن العمل المستقذرة التي ينفر من رآها وتوحشه
كالبرص والجذام فلا يجوز شئ منها على الأنبياء عليهم السلام.. لأن النفور ليس بواقف
على الأمور القبيحة، بل قد يكون من الحسن والقبيح معا. وليس ينكر أن يكون أمراض
أيوب (ع) وأوجاعه. ومحنته في جسمه ثم في أهله
وماله بلغت مبلغا عظيما يزيد في الغم والألم على ما ينال المجذوم، وليس ننكر تزايد
الألم فيه (ع)، وإنما ننكر ما اقتضى التنفير)[2]