اسم الکتاب : السلفية والنبوة المدنسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 172
ليست كذلك.
فأما إضافته ذلك إلى الشيطان، وإنما ابتلاه به فله وجه صحيح، لأنه لم يضف المرض
والسقم إلى الشيطان، وإنما أضاف إليه ما كان يستضر به من وسوسته ويتعب به من تذكيره
له ما كان فيه من النعم والعافية والرخاء، ودعائه له إلى التضجر والتبرم مما هو
عليه، ولأنه كان أيضا يوسوس إلى قومه بأن يستقذروه ويتجنبوه ويستخفوه لما كان عليه
من الأمراض) [1]
ثم ذكر تلك
الصورة البشعة التي لفقها مفسرو السلفية عنه، فقال: (فأما ما روي في هذا الباب عن
جملة جهلة المفسرين فمما لا يلتفت إلى مثله، لأن هؤلاء لا يزالون يضيفون إلى ربهم
تعالى وإلى رسله عليهم السلام كل قبيح ومنكر، ويقذفونهم بكل عظيم. وفي روايتهم هذه
السخيفة ما إذا تأمله المتأمل علم أنه موضوع الباطل مصنوع، لأنهم رووا أن الله
تعالى سلط إبليس على مال أيوب (ع) وغنمه وأهله، فلما أهلكهم ودمر عليهم
ورأى من صبره (ع) وتماسكه، قال إبليس لربه يا رب إن أيوب
قد علم أنك ستخلف عليه ماله وولده فسلطني على جسده، فقال تعالى قد سلطتك على جسده
كله إلا قلبه وبصره، قال فأتاه فنفخه من لدن قرنه على قدمه فصار قرحة واحدة، فقذف
على كناسة لبني إسرائيل سبع سنين وأشهرا تختلف الدواب على جسده، إلى شرح طويل نصون
كتابنا عن ذكر تفصيله، فمن يقبل عقله هذا الجهل والكفر كيف يوثق بروايته، ومن لا
يعلم أن الله تعالى لا يسلط إبليس على خلقه، وأن إبليس لا يقدر على أن يقرح
الأجساد ولا يفعل الأمراض كيف يعتمد روايته؟)[2]
ثم فسر سبب
البلاء بحسب ما يليق بحقهم من العصمة، فقال: (فأما هذه الأمراض العظيمة النازلة
بأيوب (ع) فلم تكن إلا اختبارا وامتحانا وتعريضا
للثواب بالصبر عليها