اسم الکتاب : السلفية والنبوة المدنسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 171
كان مخرج الرواية البخاري ومسلم.
في مقابل هذه
الصورة السلفية عن أيوب (ع)، وسبب بلائه، وكيف تعامل معه، نرى
المدرسة التنزيهية تنحى منحى مختلفا تماما، فهي تقرأ أيوب كما تقرأ جميع الأنبياء
عليهم الصلاة والسلام من خلال الصورة القرآنية، ومن خلال العصمة المطلقة للأنبياء
عليهم الصلاة والسلام.
وقد أورد
الشريف المرتضى الشبهة التي يتعلق بها المخطئة حول أيوب (ع)، فقال: (فإن قيل: فما قولكم في الأمراض والمحن التي لحقت أيوب (ع) أوليس قد نطق القرآن بأنها كانت جزاء على ذنب في
قوله: ﴿مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ [ص: 41]،
والعذاب لا يكون إلا جزاء كالعقاب والآلام الواقعة على سبيل الامتحان لا تسمى
عذابا ولا عقابا، أوليس قد روى جميع المفسرين أن الله تعالى إنما عاقبه بذلك
البلاء لتركه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقصته مشهورة يطول شرحها؟)[1]
ثم أجاب على
هذه الشبهة بقوله: (أما ظاهر القرآن فليس يدل على أن أيوب (ع) عوقب بما نزل به من المضار، وليس في ظاهره شئ مما
ظنه السائل، لأنه تعالى قال: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى
رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴾ [ص: 41] والنصب
هو التعب.. والتعب هو المضرة التي لا تختص بالعقاب، وقد تكون على سبيل الامتحان
والاختبار. وأما العذاب فهو أيضا يجري مجرى المضار التي يختص إطلاق ذكرها بجهة دون
جهة. ولهذا يقال للظالم والمبتدئ بالظلم أنه معذب ومضر ومؤلم، وربما قيل معاقب على
سبيل المجاز. وليست لفظة العذاب بجارية مجرى لفظة العقاب، لأن لفظة العقاب يقتضي
ظاهرها الجزاء لأنها من التعقيب والمعاقبة، ولفظة العذاب