اسم الکتاب : السلفية والوثنية المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 26
التجسيمية التي سنتحدث عنها في فصول الكتاب مثل كون العرش يئط من ثقل
الجبار فوقه، وأنه ينزل في الليل إلى جنة عدن، وأنها مسكنه الذي يسكن فيه مع
النبيين والصديقين والشهداء، وأنه يهبط من عرشه إلى كرسيه، ثم يرتفع عن كرسيه إلى
عرشه، وفيهما إثباتَ الحركة لله عز وجل، وإثباتُ الحد، وأنه مس آدم مسيساً بيده،
وأنه يقعد على العرش فما يفضل منه إلا قدر أربعة أصابع، وأنه قادر على الاستقرار
على ظهر بعوضة، وأنه إذا غضب ثقل على حملة العرش، وأن رأس المنارة أقرب إليه من
أسفلها ..
ومنها كتاب (إبطال التأويلات) الذي ألفه أبو يعلى الفراء في أوائل
القرن الخامس الهجري، لكن الكتاب بحكم ما فيه من تجسيمات وتشبيهات بقي مغمورا إلى
أن ذاع خبره سنة ( 429هـ ) حينها ضج العلماء لظهور هذا الكتاب ولافتتان بعض العوام
بما فيه .. وقد حصلت بسبب ذلك فتنة اقتضت تدخل الخليفة القائم بأمر الله العباسي
لتسكينها بمساعدة أبي الحسن القزويني الزاهد الشافعي المقبول من جميع الطوائف، وقد
أخرج القائم بأمر الله عقيدة والده الخليفة القادر بالله، ووَقَّعَ عليها العلماء
وسكنت الفتنة [1] .
لكن مع ذلك نجد ابن تيمية يرجع إليه، ويدافع عن صاحبه[2]، بل نجد اهتمام المدرسة
[1] انظر:طبقات الحنابلة: 2/197، وقد قال ابن
الأثير في ( الكامل في التاريخ ) عنه: (وفي شهر رمضان منها توفي أبو يعلى محمد بن
الحسين بن الفراء الحنبلي. ومولده سنة ثمانين وثلاثمائة. وعنه انتشر مذهب أحمد رضي
الله عنه. وكان إليه قضاء الحريم ببغداد بدار الخلافة. وهو مصنف كتاب الصفات أتى
فيه بكل عجيبة. وترتيب أبوابه يدل على التجسيم المحض. تعالى الله عن ذلك .. ) انظر:
دفع شبه التشبيه، لابن الجوزي ص10.
[2]
ذكر
ابن تيمية الفتنة التي حصلت بسبب الكتاب، فقال: (وصنف القاضي أبو يعلى كتابه في
(إبطال التأويل) رد فيه على ابن فورك شيخ القشيري وكان الخليفة وغيره مائلين إليه؛
فلما صار للقشيرية دولة بسبب السلاجقة جرت تلك الفتنة وأكثر الحق فيها كان مع
الفرائية مع نوع من الباطل، وكان مع القشيرية فيها نوع من الحق مع كثير من
الباطل)( مجموع الفتاوى (6/ 54))
والباطل الذي يقصده ابن تيمية ليس
التجسيم، وإنما اتهامه لأبي يعلى بالتفويض أي أنه لم يكن صريحا بالقدر الكافي في
موقفه من التجسيم.. فهو – عنده - من الذين (سمعوا الأحاديث والآثار، وعظموا مذهب
السلف، وشاركوا المتكلمين الجهمية في بعض أصولهم الباقية، ولم يكن لهم من الخبرة
بالقرآن والحديث والآثار ما لأئمة السنة والحديث، لا من جهة المعرفة والتمييز بين
صحيحها وضعيفها، ولا من جهة الفهم لمعانيها، وقد ظنوا صحة بعض الأصول العقلية للنفاة
الجهمية، ورأوا ما بينهما من التعارض) (درء تعارض العقل والنقل 7/34)
اسم الکتاب : السلفية والوثنية المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 26