اسم الکتاب : السلفية والوثنية المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 210
ومنها: أن ذرية آدم خلقوا على صورة آدم، لم يخلق آدم على صورهم، فإن مثل
هذا الخطاب إنما يقال فيه: خلق الثاني المتأخر في الوجود على صورة الأول المتقدم
وجوده، لا يقال: إنه خلق الأول على صورة الثاني المتأخر في الوجود، كما يقال: خلق
الخلق على غير مثال أو نسيج هذا على منوال هذا .
ومنها: أنه إذا أريد مجرد المشابهة لآدم وذريته لم يحتج إلى لفظ خلق على
كذا، فإذ هذه العبارة إنما تستعمل فيما فطر على مثال غيره، بل يقال إن وجهه يشبه
وجه آدم، أو فإن صورته تشبه صورة آدم .
ومنها: أنه لو كانت علة النهي عن شتم الوجه وتقبيحه أنه يشبه وجه آدم
لنهى أيضاً عن الشتم والتقبيح وسائر الأعضاء، لا يقولن أحدكم قطع الله يدك ويد من
أشبه يدك ... إلخ ما ذكره[1].
ولم ييأس المنزهة من توجيه هذا الحديث بعد هذا الرفض الشديد الذي واجههم
به المجسمة، فراحوا يقولون لهم: لا بأس .. فليكن الأمر كما تذكرون .. ولكن ألا
يمكن أن يعود الضمير يعود إلى آدم، أي (أن الله خلق آدم على صورته) أي على صورة
آدم )[2]
لكن السلفية رفضوا هذا أيضا رفضا شديدا، بل اتهموا القائل بذلك التجهم
والتعطيل، وقد رووا عن الإمام أحمد أنه لما ذكر له قول أبي ثور في تأويل (أن
الله خلق آدم على صورته) أي على صورة آدم، قال: ( من قال: إن الله خلق آدم على
صورة آدم فهو جهمي، وأيُّ صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه ؟ )[3] .
وقال ابن قتيبة – بعد ذكره لهذا القول – ( ولو كان المراد هذا، ما كان في
الكلام فائدة،
[1] بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية (6/ 426)
[2] انظر من قال بذلك في: طبقات الحنابلة ( 1/309 ) .