اسم الکتاب : السلفية والوثنية المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 129
يخالف ضرورة العقل لغير غرض، بل كثير من المنازعات يكون لفظياً أو
اعتبارياً، فمن قال إن الأعراض بعض الجسم أو أنها ليست غيره، ومن قال إنها غيره
يعود النزاع بين محققيهم إلى لفظٍ واعتبار واختلافِ اصطلاحٍ في مسمى (بعض) و(غير)
كما قد أوضحنا ذلك في بيان تلبيس الجهمية الذي وضعه أبو عبد الله الرازي في نفي
الصفات الخبرية وبنى ذلك على أن ثبوتها يستلزم افتقار الرب تعالى إلى غيره وتركيبه
من الأبعاض وبينا ما في ذلك من الألفاظ المشتركة المجملة.. فهذا إن كان أحد أطلق
البعض على الذات وغيره من الصفات وقال إنه بعض الله وأنكر ذلك عليه لأن الصفة ليست
غير الموصوف مطلقا. وإن كان الإنكار لأنه لا يقال في صفات الله لفظ البعض فهذا اللفظ قد نطق به
أئمة الصحابة والتابعين وتابعيهم ذاكرين وآثرين) [1]
ثم نقل الرواية التي ذكرناها، ثم قال: (وقد جاء في الأحاديث المرفوعة في تجليه
سبحانه للجبل والتي فيها أنه ما تجلى منه إلا مثل الخنصر، وفي قصة داود: قال: يدنيه حتى يمس
بعضه. وهذا متواتر عن هؤلاء.. ولا ريب أن لفظ البعض والجزء والغير ألفاظ مجملة فيها
إيهام وإبهام. فإنه قد يقال ذلك على ما يجوز أن يوجد منه شيء دون شيء بحيث يجوز
أن يفارق بعضه بعضاً وينفصل بعضه عن بعض، أو يمكنُ ذلك فيه كما يقال حدُّ الغيرين
ما جاز مفارقة أحدهما للآخر كصفات الأجسام المخلوقة من أجزائها وأعراضها فإنه يجوز
أن تتفرق وتنفصل والله سبحانه منزه عن ذلك كله مقدس عن النقائص والآفات. وقد يراد
بذلك ما يعلم منه شيء دون شيء فيكون المعلوم ليس هو غير المعلوم وإن كان لازما له
لا يفارقه والتغاير بهذا المعنى ثابت لكل موجود فإن العبد قد يعلم وجود الحق ثم
يعلم أنه قادر ثم أنه عالم..فمن نفى عنه وعن صفاته التغاير والتبعيص بهذا المعنى
فهو معطل جاحد للرب فإن هذا التغاير لا ينتفي إلا عن المعدوم..فقول السلف والأئمة
ما وصف به الله من الله وصفاته
[1] الفتاوى الكبرى 5/85-92 وانظر كلام
الفراء في إبطال التأويلات 2/340.
اسم الکتاب : السلفية والوثنية المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 129