اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 90
وقد أشار إلى هذا قوله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) عن الشورى: (أما إنَّ الله ورسوله لغنيان عنها، ولكن جعلها الله
تعالى رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يعدم رشداً، ومن تركها لم يعدم غيًّا)[1]
وهذا يصدق ما ورد في القرآن الكريم عندما أمر الله تعالى رسوله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) باستشارة أصحابه، فقد جعلها من
مقتضيات رحمته بهم، وتأليفه لقلوبهم، كما قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ
مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا
مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾
[آل عمران: 159]
ومثل ذلك مثل الأستاذ الذي يتيح لطلبته أن يدلوا بآراهم في مسألة من
المسائل، ثم يظهر عجبه من عبقريتهم وذكائهم، وإن كان هو نفسه يعلم بذلك مسبقا..
ولكن رحمته بهم تجعله ينهج ذلك المنهج.
وقد ورد مثل هذا في شمائل رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) فقد وصفه هند بن أبي هالة بقوله: (يضحك مما يضحكون منه، ويعجب مما يعجبون
منه، ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق)[2]
وقريب منه ما وصف به أنس رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، فقد قال: ( كان إذا لقيه أحد من أصحابه فتناول أذنه، ناوله
إياها، ثم لم ينزعها حتى يكون الرجل هو الذي ينزعها عنه)[3]
وقريب من ذلك أيضا ما ورد النصوص في القرآن الكريم من عتاب الله تعالى
لنبيه (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)،
وهو عتاب المحب لمحبه، فعندما التأمل في مواردها نجدها جميعا تنبعث من رحمة رسول
الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
بمن يرى أنه أمر بأن يؤلف قلوبهم.
ولذلك فإن عتاب الله لنبيه في تلك المواضع ليس عتابا حقيقيا، وإنما هو من
باب