اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 91
[إياك أعني واسمعي يا جارة]
وكمثال تقريبي له أن يقول الولد لمعلم ابنه: لم لم تعاقبه عندما أخطأ..
ولم لنت له مع أنه كان في إمكانك أن تعاقبه؟ وهو لا يقصد بذلك عتاب المعلم، وإنما
يقصد توجيه اللوم لابنه وتربيته من خلال ذلك.
وعلى مثل هذا يفسر قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ
تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ
غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التحريم: 1]، فقد كان (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) يشعر أنه مأمور بأن يحسن لزوجاته، وأن يعطي المثل للمؤمنين في
الرفق بهن مهما أسأن التصرف معه، ولذلك كان يسعى في مرضاتهن، لا لأجلهن، وإنما
لأجل تحقيق عبودية الله في التعامل معهن، ولهذا نبهه الله، أو نبههن بطريق غير
مباشر إلى أن يراعين حسن العشرة مع رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم).. ولهذا جاء بعد تلك الآيات ذلك التهديد الشديد لنساء النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) إن أسأن العشرة معه، قال
تعالى: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ
تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسَى رَبُّهُ إِنْ
طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ
مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا
(5)﴾ [التحريم: 4، 5]
ومثل ذلك ما ورد في قوله تعالى: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ
أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ
الْكَاذِبِينَ ﴾ [التوبة: 43]، فقد كان النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) لصفاء روحه، ورحمته ورأفته يقبل كل من اعتذر له حتى لو كان يعلم
كذبه حرصا عليه ورحمة به، فنبهه الله أو نبههم إلى أن إذن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) لا ينفع إلا الصادقين.
ومثل هذا أيضا تلك الرحمة التي كان يبديها رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) مع المنافقين، والتي تصور
البعض أنه كان مخطئا فيها حتى جاء من جاء ليصحح له خطأه.
ونفس الأمر يقال في كل كل ما ورد في الروايات من استشارته (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) لأصحابه، فلم تكن عن نقص حكمة،
ولا عن حاجته لهم، وإنما كان تأليفا لقلوبهم وتربية لهم.
اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 91