اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 89
فقد أخبر الله تعالى عن الذكاء الذي آتاه لرسله عليهم الصلاة والسلام:
ومن الأمثلة على ذلك ما قصه علينا من قصة داود وسليمان وحكمهما في الحرث،
كما قال تعالى: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ
إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78)
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾
[الأنبياء: 78، 79]
وهكذا أخبر الله تعالى عن جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أنهم أوتوا
علما وحكمة.. لأنه لا يمكن للرسول أن يؤدي وظيفته الخطيرة وهو خال من العلم
والحكمة.
بل أخبر الله تعالى أن الحكمة ليست خاصة بالرسل عليهم الصلاة والسلام،
حيث ذكر عن لقمان عليه السلام أنه كان حكيما، وأنه بسبب حكمته عرف كيف يوجه ولده،
وكيف يربيه، وكيف يعمق فيه المعاني الإيمانية.
وهكذا أخبر أنه ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ
الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: 269]
ويستحيل أن يؤتي الله الحكمة لأفراد خلقه ممن لم يكلفوا بمثل تلك الوظيفة
العظيمة التي كلف بها رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، ثم يحرم رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) منها.
ذلك أن سيادة رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) على بني آدم ـ كما ورد في الحديث ـ تقتضي تقدمه عليهم في كل الفضائل..
وأهم تلك الفضائل العلم والحكمة.
وقد أشار إلى الحكمة التي أوتيها رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ
الْحِكْمَةِ ﴾ [الإسراء: 39]
وهذا يدل على أن حكمة رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) ليست ذكاء مجردا، ولا عبقرية بشرية محدودة، بل هي حكمة مسددة من
الملأ الأعلى متواصلة تواصلا دائما معها.
ولذلك يستحيل على من هذا حاله أن يحتاج إلى غيره في مشورة قبل العمل، ولا
في تعقيب عليه وتصحيح له بعد العمل.
اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 89