اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 41
ومن الأمثلة على ذلك ما كتبه الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ تعليقا
على بعض الأبيات في البردة، واعتبارها شركا: (بلغنا من نحو سنتين اشتغالكم ببردة
البوصيري، وفيها من الشرك الأكبر ما لا يخفى، من ذلك قوله: (يا أكرم الخلق ما لي
من ألوذ به سواك) إلى آخر الأبيات، التي فيها طلب ثواب الدار الآخرة من النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) وحده، وكونه (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) أفضل الأنبياء لا يلزم أن يختص
دونهم بأمر نهى الله عنه عباده عموماً، وخصوصاً، بل هو مأمور أن ينهى عنه، ويتبرأ
منه، كما تبرأ منه المسيح بن مريم في الآيات في آخر سورة المائدة، وكما تبرأت منه
الملائكة في الآيات التي في سورة سبأ.. وأما اللياذ: فهو كالعياذ، سواء، فالعياذ
لدفع الشر، واللياذ لجلب الخير، وحكى الإمام أحمد وغيره الإجماع على أنه لا يجوز
العياذ إلا بالله، وأسمائه، وصفاته، وأما العياذ بغيره: فشرك، ولا فرق)[1]
ولست أدري كيف ينكرون هذا، وهم يقرؤون في القرآن الكريم الأدلة الكثيرة
المثبتة للشفاعة والمثبتة قبل ذلك للوسائط، كقوله تعالى: ﴿ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ
أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [التوبة: 74]، وقال عن سليمان عليه
السلام: ﴿ هَذَا عَطَاؤُنَا
فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [ص: 39]
بل ورد في كتب السنة التي يعتمدونها ما يدل على أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) سيكون ملاذا يوم القيامة
للخلائق جميعا يطلبون منه أن يشفع لهم عند الله، ففي الحديث الوارد في الصحيحين
وغيرهما عن جماعة من الصحابة: ( فيأتون، فيقولون: يا محمد، أنت رسول الله، وخاتم
الأنبياء، غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما
نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فأقوم فآتي تحت العرش، فأقع ساجداً لربي عز وجل، ثم
يفتح الله عليّ، ويلهمني من محامده، وحسن الثناء ليه ما لم يفتحه على أحد قبلي، فيقال:
يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، اشفع تشفع، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال ك أدخل من
[1] رسائل وفتاوى الشيخ عبد
الرحمن بن حسن بن محمد عبد الوهاب: 1/82.
اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 41