اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 39
ومثل القرطبي نجد ابن تيمية الذي لم يكتف بدعوى الاستحالة التي ذكرها
القرطبي، بل حاول أن يجد لها تفسيرا كعادته، والتفسير هو أن الذي تمثل هو الشيطان،
مع أن الحديث الصحيح يذكر استحالة تمثل الشيطان برسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم).
يقول ابن تيمية: (والضلال من أهل القبلة يرون من يعظمونه: إما النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) وإما غيره من الأنبياء يقظة، ويخاطبهم
ويخاطبونه، وقد يستفتونه ويسألونه عن أحاديث فيجيبهم، ومنهم من يخيل إليه أن الحجرة
قد انشقت وخرج منها النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) وعانقه وصاحباه، ومنهم من يخيل إليه أنه رفع صوته بالسلام حتى وصل مسيرة أيام
وإلى مكان بعيد .. وهذا موجود عند خلق كثير، كما هو موجود عند النصارى والمشركين، لكن
كثير من الناس يكذب بهذا، وكثير منهم إذا صدق به يظنه أنه من الآيات الإلهية، وأن الذي
رأى ذلك رآه لصلاحه ودينه، ولم يعلم أنه من الشيطان، وأنه بحسب قلة علم الرجل يضله
الشيطان، ومن كان أقل علما قال له ما يعلم أنه مخالف للشريعة خلافا ظاهرا، ومن عنده
علم منها لا يقول له ما يعلم أنه مخالف للشريعة ولا مفيدا فائدة في دينه، بل يضله عن
بعض ما كان يعرفه، فإن هذا فعل الشياطين، وهو إن ظن أنه قد استفاد شيئا فالذي خسره
من دينه أكثر، ولهذا لم يقل قط أحد من الصحابة : إن الخضر أتاه، ولا موسى ولا عيسى،
ولا أنه سمع رد النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) وابن عمر كان يسلم إذا قدم من سفر ولم يقل قط أنه يسمع الرد، وكذلك التابعون
وتابعوهم، وإنما حدث هذا من بعض المتأخرين ممن قل علمه بالتوحيد والسنة، فأضله الشيطان
كما أضل النصارى في أمور لقلة علمهم بما جاء به المسيح ومن قبله من الأنبياء عليهم
السلام)[1]
ولم يكتف أصحاب السنة المذهبية بقطع التواصل مع رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) من هذا الباب، بل نراهم يقطعون
كل باب حتى باب الرؤية المنامية، فيقصرونها على صحابة رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) دون غيرهم من أفراد الأمة.