responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 38

 

الله (صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم)، ويتنعمون بذلك الحضور، وتمتلئ قلوبهم لهفة وشوقا له (صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم).

لكن أهل هذه السنة لا يفقهون هذه المعاني الجليلة، ولا يستشعرونها، لأن التدين الذي يؤمنون به تدين لا يتجاوز الظواهر والسطحيات، ولذلك يقصرون علاقتهم برسول الله (صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم) على تلك الظواهر والسطحيات.

وليت الأمر اقتصر على هؤلاء المعاصرين، بل نجد ـ للأسف ـ من المتقدمين، ومن الذين تمتلئ بكتبهم رفوف مكتباتنا ـ من يردد أمثال هذه الكلمات، فقد قال القرطبي: (وهذا القول يدرك فساده بأوائل العقول، ويلزم عليه ألا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها، وأن لا يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن، ويخرج من قبره ويمشى في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه، ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده فلا يبقى في قبره منه شيء فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب، لأنه جائز أن يرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره، وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل)[1]

وكل هذه الإلزامات لا مبرر لها، بل لو أننا طبقنا ما قاله على العوالم الغيبية لانتفى الإيمان بها، لأن أحكام عالم الغيب ليست كأحكام عالم الشهادة، بل إن الفيزياء الحديثة تنفى الكثير من التصورات التي نتوهمها عن عالم الشهادة نفسه.

فكون الشيء في مكانين في وقت واحد لم يعد مستحيلا كما كان يتصور في الفيزياء القديمة، والتي اعتمد عليها القرطبي في تلك الدعاوى التي ادعاها.

وبهذا يمكن تفسير ما ورد في النصوص المقدسة من أن ملك الموت يقوم بقبض أرواح خلق كثيرين وفي أماكن متعددة في نفس الوقت.. فذلك ليس مستغربا عقلا، وقد دل عليه النقل.


[1] نقلا عن فتح الباري ( 12 / 384 ) .

اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 38
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست