في مقابل هذا الانفتاح العظيم على التواصل مع رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، والذي تدل عليه الأدلة
العقلية والنقلية نجد جمودا خطيرا من أصحاب السنة المذهبية، والذين يتعاملون بنظرة
مادية مع هذه المسألة متجاهلين أن مبنى الإيمان على الغيبية والقدرة المطلقة لله..
ولذلك لا يسأل المؤمن عن الكيفية ما دام قد تقرر في العقل الإمكان.
ومن الأمثلة على جمود أصحاب السنة المذهبية في هذه المسألة ما قاله الشيخ
عبدالعزيز
بن باز عند حديثه عن (حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف): (بعضهم يظن أن رسول
الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) يحضر المولد ؛ ولهذا يقومون له مُحَيِّين ومرحّبين، وهذا من أعظم
الباطل وأقبح الجهل، فإن الرسول (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة، ولا يتصل بأحد
من الناس، ولا يحضر اجتماعاتهم، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة، وروحه في
أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون:﴿
ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
تُبْعَثُونَ﴾ (المؤمنون:15- 16)، وقال النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر.وأول شافع
وأول مشفع)[2] عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام.
فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث، كلها
تدل على أن النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة)
وما ذكره ابن باز من الأدلة عجيب، فلا أحد يجادل في وفاة رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، ولا في كونه أول من ينشق عنه
القبر.. ولكن ذلك لا يعني عدم تواصله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) مع أمته، وقد أخبر (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) أنه رأى الأنبياء، وصلى بهم، وأخبر عن حياتهم، وهم في قبورهم.
ولست أدري ما الذي يضر ابن باز أن يستشعر المؤمنون في مجالسهم حضور رسول