اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 29
جميعا، حتى أنهم يذكرون أن أولئك العشاق الذين امتلأت قلوبهم شوقا لرسول
الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)،
بل مات الكثير منهم شوقا، وهو في طريق زيارة قبره الشريف لا يساوون شسع نعل حتى
أولئك الذين لم يكونوا يبالون برسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، وهم معه، حتى يضطر رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) أن يناديهم من خلفهم، كما قال تعالى: ﴿ إِذْ تُصْعِدُونَ
وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ
فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا
أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [آل عمران: 153]
بل منهم من ترك رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) يخطب يوم الجمعة، وذهب ليلاقي القافلة، كما صور ذلك قوله تعالى: ﴿
وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ
قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ
وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [الجمعة: 11]
ونحن لا نذكر هذا تحقيرا لمن فعل ذلك، ولكنا نتعجب أن يحتقر أولياء الأمة
العظام الذين أفنوا حياتهم في حب رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، واعتبارهم جميعا لا يساوون شيئا أمام أدنى الصحابة.
ومن الأمثلة على مواقف أصحاب السنة المذهبية في هذا ما جاء في (الصواعق
المحرقة) لابن حجر الهيتمي من قوله: (وأما ما اختص به الصحابة ـ رضوان الله عليهم
ـ وفازوا به من مشاهدة طلعته ورؤية ذاته المشرفة المكرمة فأمر من وراء العقل، إذ
لا يسع أحدا أن يأتي من الأعمال وإن جلت بما يقارب ذلك فضلا عن أن يماثله، ومن ثم
سئل عبد الله ابن المبارك ـ وناهيك به جلالة وعلما ـ أيهما أفضل معاوية أو عمر بن
عبد العزيز؟ فقال الغبار الذي دخل أنف فرس معاوية مع رسول الله خير من عمر بن عبد
العزيز كذا وكذا مرة، أشار بذلك إلى أن فضيلة صحبته ورؤيته لا يعدلها شيء)
ولست أدري ما دليله على هذا، ذلك أن الأحاديث الشريفة الكثيرة، والتي
يؤيدها القرآن الكريم، ويؤيدها قبل ذلك العقل السليم تعتبر المعية الحقيقة هي معية
المحبة والتعلق
اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 29