اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 28
النجاة، وسفينتها.
وفرق كبير بين أن تمد يدك لشخص يغرق، وتمسك بها، وتنقذه، وبين أن تكتفي
ببعض المواعظ والإرشادات التي تبين له ما عليه أن يفعل.
ولهذا من العجب أن يؤمن هؤلاء بأن الله جعل من الماء كل شيء حيا.. ولا
يعتبرون القول بهذا شركا .. بينما لو ذكرت لهم بأن الله جعل الحياة الحقيقية في
التعلق برسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) تعلقا تاما، لا بشرعه فقط، بل بذاته أيضا، يعتبرون ذلك شركا وبدعة
وضلالة.. وكأن الماء أشرف من رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، وأعظم منزلة منه.
وبناء على هذا المعنى أولوا كل النصوص الدالة على هذه الوظيفة التي جعلها
الله لرسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، وظيفة الوسيلة، حتى تنحصر وظيفته (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) في البلاغ والتبيين فقط.
وللدلاله على هذا، سنذكر هنا ـ باختصار ـ أربعة نماذج من مواقف أصحاب
السنة المذهبية تدل على موقفهم من هذه الوظيفة:
اختصار المعية
في الصحابة:
وهو من أخطر المواقف التي تعدم وظيفة [الوسيلة]، وتزيلها من الوجود
تماما، ذلك أن الاعتقاد بأنه لم يظفر بصحبة رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) غير صحابته المعدودين الذين عاصروه، وأن الأمة لم تظفر بعدهم إلا
بسنته وشريعته يقطع الصلة بين الأمة ونبيها، لأن علاقتها به تصبح قاصرة على علاقة
الاتباع والطاعة، وهي علاقة مرتبطة بالشريعة، لا بشخصة (صلیاللهعلیهوآلهوسلم).
وبذلك فإن أفراد الأمة بعد رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) وبهذا المنطق لا يستطيعون ـ بسبب الزمن الذي حال بينهم وبين
معاصرة رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) ـ أن يتنعموا بتلك الصحبة الشريفة، وأن يظفروا بتلك المكانة
الرفيعة، وأن تمتد إليهم يد رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم).
ولهذا نجد أصحاب السنة المذهبية يبالغون في مكانة الصحابة على حساب مكانة
الأمة .. ويتصورون أن الصحابة حتى لو صدر منهم ما صدر أشرف وأكرم وأعظم من الأمة
اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 28