وقال شيخ آخر، وقد رآنا ننشغل
بالروايات والأحاديث عن القرآن الكريم: (نظرنا في هذه الأحاديث والمواعظ فلم نجد
شيئا أرق للقلوب ولا أشد استجلابا للحزن من قراءة القرآن وتفهمه وتدبره)
وهكذا فإن تأثر العبد بالتلاوة
تجعله يصير بصفة الآية المتلوة، فعند الوعيد وتقييد المغفرة بالشروط يتضاءل من
خيفته كأنه يكاد يموت، وعند التوسع ووعد المغفرة يستبشر كأنه يطير من الفرح.
وعند ذكر الله وصفاته وأسمائه
يتطأطأ خضوعا لجلاله واستشعارا لعظمته.. وعند ذكر الكفار ما يستحيل على الله عز
وجل يغض صوته، ويكسر في باطنه حياء من قبح مقالتهم.
وعند وصف الجنة ينبعث بباطنه شوقا
إليها.. وعند وصف النار ترتعد فرائصه خوفا منها.
وإذا قال: { رَبَّنَا عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } [الممتحنة: 4] ولم يكن
حاله التوكل والإنابة كان حاكيا.
وإذا قال: { وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى
مَا آذَيْتُمُونَا } [إبراهيم: 12] فليكن حاله الصبر أو العزيمة عليه حتى يجد حلاوة التلاوة.
فإن لم يكن بهذه الصفات ولم يتردد
قلبه بين هذه الحالات كان حظه
اسم الکتاب : القرآن والأيدي الآثمة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 21