اسم الکتاب : القرآن والأيدي الآثمة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 11
المحدقة به، ولكن لا تنفذ إلاّ
بتصريح برهان { فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ } [الرحمن: 33]، وإذ ذاك يدرك خسرانه بالنسبة لما كان عليه قبل تعلّق الروح
بالبدن، ولو تخيّل ذلك لما احتيج للتوكيد.
قال بعض الجالسين: لقد شوقتنا يا
شيخنا.. فحدثنا عن عوالم الجمال التي كان يعيشها الإنسان قبل نزوله إلى هذا
العالم.
قال الشيخ، وهو شاخص البصر، وكأنه
يرى ما لا نقدر على رؤيته، أو كأنه يشاهد شيئا، وهو يصفه كما يشاهده: في تلك
العوالم الجميلة كانت الروح في كرامة عظيمة وحالة جسيمة، تتلّقى أمرها من الله من
غير واسطة، وتجيب جـوابا خاليا من كلّ شبهة.. ولم تفقد حظّها من تلك الكرامة ولو
بعد هبوطها وتعلّقها بأول جسم للإنسـان فإنّه توجها بتاج العلم، وكلّلها بإكليل
الفهم، وعلمها ما لم تكن تعلم، وكفاها أنّه أسجد لهـــا الملائكة، وعموم الأرواح
كالذر وفي ظهر آدم.
قال تلميذ آخر: فكيف انتقل الإنسان
من تلك الأحوال السامية إلى الأحوال الحيوانية، وما قدر الخسارة التي خسرها بسبب
ذلك؟
قال الشيخ: إنّ رابطة الجسم أكسبت
الروح صبغة غير التي كانـت عليها، فلم يشعر الإنسان إلاّ وهو نوع من أنواع الحيوان
يعمل بحكم الطبيعة داخل الجنس العام، وشتان ما بين المرتبتين.. بين حال الإنسان
الأوّل، وحال الإنسان الثاني.. فعلى مـا يقتضيه البون الشاسع بين الرتبتين صار
اسم الکتاب : القرآن والأيدي الآثمة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 11