اسم الکتاب : القرآن والأيدي الآثمة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 104
أخرى، لأن من الألفاظ العربية ما
لا يطابقها في غير العربية، وفي اللغة العربية تراكيبُ لغويةٌ تدل على معان لا تدل
عليها بترجمة ألفاظها..
ونمسك عن تصريفها فلا نقول في قوله
تعالى: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [سورة طه:5]، هو
المستوي على العرش لأن الفعل يدل على استواء مرتبط بزمان، واسم الفاعل ليس كذلك
ففي مثل هذا التصريف زيادةُ معنى ربما لا يكون مراداً في اللفظ الوارد.
ونمسك عن تجميع ماتفرق من هذه
الألفاظ، كما يفعل زعماء مدرسة المتشابه حين يجمعون في كتاب واحد أخباراً تحت باب
خصوه لإثبات اليد، وخصوا باباً لإثبات الرجل، وباباً لإثبات الوجه، فقوي بذلك
الإيهام وغلَب الحس.
ونمسك عن تجريد اللفظ عن سياقه
وسباقه لأن كل كلمة سابقة ولاحقة تؤثر في إفهام المراد فإذا بلغنا قول الله عز
وجل: { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } [سورة الأنعام:18]، فلا يجوز أن
نقول: (هو فوق عباده)، لأن لفظ القاهر قبله يشير إلى فوقية الرتبة والقهر، كما قال
تعالى على لسان فرعون: { وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُون } [سورة الأعراف:127]،
ونزعُ لفظِ القاهر يعطل هذا المعنى الذي يحتمله السياق احتمالاً قوياً ويوهم
فوقيةً غيرَها لم يكن ليُفطن إليها لولا هذا التجريد عن السياق، بل قولنا: (القاهر
فوق غيره) ليس كقولنا: { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ }، لأن ذكر العبودية مع
كونه موصوفاً
اسم الکتاب : القرآن والأيدي الآثمة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 104