بل إننا نجد من
راح يطرح دين الطبيعة بديلا للأديان السماوية، مثلما فعل [بول هينري ثيري] المعروف
بـ [بارون دي هولباخ][2] في بداية عصر النهضة الأوروبية في كتابه [فضح أسرار
المسيحية ومنهج الطبيعة]، وهو الكتاب الذي دعا فيه إلى عبادة الطبيعة بدل الله.
وقد عبر مؤرخ
الحضارة الكبير [ويليام جيمس ديورَانت] عن رؤيته وعمله في ذلك، فقال: (بعد أن
انتهى دي هولباخ من بيان برنامجه على هذه النحو تقدم في ترتيب ونظام ليفند كل
الكائنات والاعتبارات والأفكار الخارقة للطبيعة. ويحبذ الطبيعة بكل ما فيها من
جمال وقسوة وتقييد وإمكانات، وليختزل كل الحقيقة والواقع إلى مادة وحركة، ويبني
على هذا الأساس المادي منهجاً للفضيلة والأخلاق يأمل أن يكون في مقدوره أن يحول
المتوحشين إلى مواطنين، ويشكل الخلق الفردي والنظام الاجتماعي ويضفي سعادة معقولة
على حياة مقرر لها الموت المحتوم. إنه يبدأ ويختتم بالطبيعة، ولكنه ينكر أية
محاولات لتشخيصها أو تجسيدها، إنه يحددها ويعرفها بأنها الكل الأعظم الذي ينتج من
اجتماع المادة في مجموعاتها المختلفة. وهذا هو الاسم المحبب لدى دي هولباخ للكون،
فهو يعرف المادة في حرص وحذر بأنها بصفة عامة، كل ما يؤثر على حواسنا بأي شكل كان)[3]
[1] أسس المادية الديالكتيكية والمادية
التاريخية، لسيريكين وياخوت، ترجمة محمد الجندي، دار التقدم، موسكو، 39..
[2] بارون دي هولباخ: [1723-1789] كاتب وفيلسوف وموسوعي فرنسي ألماني، عرف
عن كونه واحدا من رواد في عصر التنوير الفرنسي، وقد عرف بتواجده في الصالونات
الأدبية، وعرف بإلحاده، وقد كانت له عدة كتابات ضد الدين، وقد كان كارل ماركس واحد
من المتأثرين بأفكاره..انظر في ترجمته د. رمسيس عوض، الإلحاد في الغرب ص 136.