اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 94
ثم اقتبس من
كتابه قوله: (كل شيء في الكون في حركة دائبة.. وجوهر المادة هو أن تعمل، وإذا
تأملناها في يقظة تامة لاكتشفنا أنه ليس ثمة جزء صغير فيها ينعم بسكون مطلق، وكل
ما يبدو لنا أنه ساكن لا يبقى ولو للحظة واحدة على نفس الحالة، وكل الكائنات
تتناسل وتتكاثر وتتناقص وتتفرق باستمرار.. إن أشد الصخور صلابة تتصدع بدرجات
متفاوتة أمام لمسات الهواء.. إن هذا الكل لا يقدم لمجال تأملنا وتفكيرنا إلا مجرد
تعاقب ضخم متصل غير متقطع لأسباب ونتائج.. وكلما ازدادت معرفتنا وجدنا أبلغ دليل
على أن الكون يعمل من خلال الأسباب الطبيعية وحدها. وقد يكون من العسير أن ندرك
كيف أن المادة الجامدة يمكن أن تكون فيها حياة، ولكن يكون من الأصعب أن تصدق أن
الحياة خلق أو نتاج خاص لوجود خفي خارج عن الكون المادي)
وهكذا أعطى
[بارون دي هولباخ] للطبيعة كل صفات حتى أنه في سنة 1704م عندما أصدر [صامويل كلارك]
كتابه [مبحث عن وجود الله وصفاته]، ونسب لله الصفات الواجبة له مثل الخلود والقدم
واللامحدودية واللانهائية، رد عليه بقوله: (إن جميع الصفات التي نسبتها يا كلارك
لله غير قابلة للفهم، بل هي تنطبق على المادة والطبيعة بصورة أوضح)
ولم يتوقف
تأليهه للطبعية عند ذلك الحد، بل راح يناجيها كما يناجي المؤمنون الله، فقد قال في
فقرة ختامية من كتابه [منهج الطبيعة] يناجيها، وكأنها الله نفسه: (أيتها الطبيعة،
يا سيدة كل الكائنات.. إن بناتك الفاتنات الجديرات بالتوقير والعبادة.. الفضيلة
والعقل والحقيقية.. يبقين إلى الأبد معبوداتنا الوحيدات.. إن إليك تتجه كل تسابيح
الجنس البشري وينصب عليك ثناؤه، وإليك يقدم كل ولائه وإجلاله)
وهذا ما كان
سائدا في الغرب في عصر النهضة، فقد تصوروا أنه يمكن أن يسند لقوانين الطبيعة كل
شيء، باعتبار أن في إمكانها أن تعوض الله، وأن تفسر كل حقائق الوجود، أو كما عبر
عن ذلك بعضهم بقوله: (لقد أثبت (نيوتن) أنه لا وجود لإله يحكم
اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 94